العملية سيرتها الأولى في الصدر الأول من ولاية وبراءة وهجرة وجهاد بالسيف والسنان، وبالحجة والبرهان، على حين صارت النصوص الخاصة بهذه الأحوال منسية أو كالمنسية عند غيرهم من شعوب الإسلام ودوله، لا يتعلق بها عمل من الأعمال ولا حكم من الأحكام.
واتفق في زمن العلامة الشيخ عبد اللطيف أن وقعت فتنة وشقاق في شأن الإمارة بين أميرين من آل سعود لكل منهما أنصار، وتطلع في عهده ما كان قد قبع من رءوس شياطين النفاق، فبمجموع هذه الحوادث يُعلم الشعور الذي كان غالبًا عليه أثناء كتابة رسائله هذه، فإن كان قد أقام الحجج على وجوب معاداة العساكر التي أرسلتها الدولة لإبطال دعوة التوحيد والتجديد التي قام بها جده الأعلى وأيدها جده الأدنى وأبوه وأعمامه وسائر علماء نجد وأمرائها، ووجوب البراءة منهم ومجاهدتهم والهجرة من ديارهم، وتحريم موالاتهم ومساكنتهم ومساكنة أنصارهم، فما ذاك بجهاد هجوم ولكنه جهاد دفاع، وما هو إلا الاتباع يجاهد الابتداع، على أنه فرق في عدة من رسائله بين معاملة المشركين المحاربين للمسلمين، والمعادين لهم في الدين، وبين غيرهم، وبين البلاد التي يفتن فيها المسلم الموحد ويهان الدين والسنة، من حيث يعظم الكفر والبدعة، ولا يستطيع المؤمن أن يقيم فيها دينه - والبلاد التي ليست كذلك، وقد حقق هذه المسائل بما لم يحققها غيره، فقيد ما أطلقه بعض علمائهم من هذه المسائل ووضع كل حكم في موضعه، وقد وضعت بعض التعليقات على ما اشتبه على بعض مصححي المطبعة من كلامه للعلم بأنه قد يشتبه على أمثاله، وما العصمة إلا لكتاب الله وبلاغ رسوله صلى الله عليه وسلم.