للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويبصر وينظر، ويقبض ويبسط ويعرج، ويحب ويكره، ويبغض ويرضى، ويسخط ويغضب، ويرحم ويعفو ويغفر، ويعطي ويمنع، وينْزل كل ليلة إلى سماء الدنيا كيف شاء، وكما شاء {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} ١ إلى أن قال: ولم يزل الله متكلما عالما، فتبارك الله أحسن الخالقين".

قول الإمام الأثرم في مذهب السلف:

وقال الفقيه الحافظ أبو بكر الأثرم صاحب الإمام أحمد في كتاب "السنة"، وقد نقله عنه الخلال في "السنة": حدثنا إبراهيم بن الحارث -يعني: العبادي- حدثني الليث بن يحيى، سمعت إبراهيم بن الأشعث: قال أبو بكر صاحب الفضيل: سمعت الفضيل ابن عياض يقول: "ليس لنا أن نتوهم في الله كيف وكيف، لأن الله وصف نفسه فأبلغ، فقال: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} ٢.

فلا صفة أبلغ مما وصف به نفسه، وكل هذا النُزول، وهذه المباهاة، وهذا الاطلاع، كما شاء أن ينْزل، وكما شاء أن يباهي، وكما شاء أن يطلع، وكما شاء أن يضحك. فليس لنا أن نتوهم كيف وكيف، وإذا قال لك الجهمي: أنا كافر برب يتحرك، أو يزول عن مكانه. فقل: أنا مؤمن برب يفعل ما يشاء.

وقد ذكر هذا الكلام الأخير عن الفضيل بن عياض -رحمه الله- البخاري -رحمه الله- في كتاب "خلق أفعال العباد"، هو وغيره من أئمة أهل السنة، وتلقوه بالقبول، قال البخاري: وحدث يزيد بن هارون عن الجهمية فقال: "من زعم أن {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} ٣ على خلاف ما يقر في قلوب العامة، فهو جهمي".

قول إسحاق بن إبراهيم في كتاب "السنة":

وقال إسحاق بن إبراهيم في كتاب السنة: أخبرني عبيد الله بن حنبل أخبرني أبي حنبل بن إسحاق قال: قال عمي أحمد بن حنبل: "نحن نؤمن بأن الله على العرش كيف شاء بلا حد، ولا صفة يبلغها واصف، أو يحده أحد، فصفات الله له ومنه، وهو


١ سورة الشورى آية: ١١.
٢ سورة الإخلاص آية:١: ٤.
٣ سورة طه آية: ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>