للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشجاعة، ومعه جماعة بني هاشم، وبني المطلب من قتل هذا الشيخ الذي لا دافع دونه لو كان عنده ظالما، أو عن منعه وزجره إن لم يستحل قتله؟ بل قد علم -والله- علي أن أبا بكر رضي الله عنه على الحق، وأن من خالفه على الباطل، فأذعن للحق إذ تبينه بعد ما عرضت له فيه كبوة.

وكذلك الأنصار -رضي الله عنهم- إنما رجعوا إلى بيعته بلا شك ولا مرية؛ لبرهان حق صح عندهم عن النبي صلى الله عليه وسلم لا لاجتهاد كاجتهادهم، ولا لظن كظنهم إذ لم يبق غير ذلك، وبطل كل ما سواه يقينا.

"وإذ قد بطل أن يكون الأمر في الأنصار، وزالت الرياسة عنهم. فما الذي حملهم كلهم أولهم عن آخرهم على أن يتفقوا على جحد نص النبي صلى الله عليه وسلم على إمامة علي رضي الله عنه؟

ومن المحال الممتنع أن تتفق آراؤهم كلهم على معاونة من ظلمهم، وغصبهم حقهم بالباطل، إلا أن يدعي الروافض أنهم كلهم اتفق لهم نسيان ذلك العهد. فهذه أعجوبة من المحال غير ممكنة، ثم لو أمكنت، لجاز لكل أحد أن يدعي فيما شاء من المحال أنه قد كان، وأن الناس كلهم نسوه، وهذا إبطال الحقائق كلها.

"وأيضا فإن كان جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اتفقوا على جحد ذلك النص وكتمانه، واتفقت طبائعهم كلهم على نسيانه، فمن أين وقع إلى الروافض علمه؟ ومن بلغه إليهم؟ وهذا هوس ومحال. فبطل الأمر في دعوى النص على علي رضي الله عنه بيقين لا يشك فيه، والحمد لله رب العالمين.

"فإن قال قائل: إن علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان قد قتل الأقارب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتولد له بذلك حقد في قلوب جماعة من الصحابة رضي الله عنهم؛ فلذلك انحرفوا عنه. قلنا لهم: هذا تمويه ضعيف كاذب؛ لأنه إن ساغ لكم في بني عبد شمس، وبني مخزوم، وبني عبد الدار، وبني عامر بن لؤي؛ لأنه قتل من كل قبيلة من هذه القبائل رجلا أو رجالا، فقتل من بني عامر بن لؤي رجلا

<<  <  ج: ص:  >  >>