للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتعين على نوائب الحق، ثم ذهبت به إلى ابن عمها ورقة بن نوفل -وكان قد تنصر في الجاهلية وقرأ الكتب- فقالت: يا ابن عم، اسمع من ابن أخيك، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما رأى، فقال ورقة: هذا الناموس الذي أنزل الله على موسى، ليتني فيها جذع، ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أو مخرجي هم؟ قال: نعم، لم يأت أحد بمثل ما جئت به إلا عودي. وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا" الحديث بطوله؛ ولهذا استحقت أن يرسل إليها ربها -تبارك وتعالى- بالسلام على لسان رسوليه جبرائيل ومحمد عليهما الصلاة والسلام، كما ثبت ذلك بالأسانيد الصحيحة.

(الوجه الرابع): أنه من المعلوم المقرر عند أهل الأخبار والسير أن علي بن أبي طالب كان حال البعثة صغيرا، قيل: ابن ثمان سنين، وقيل: عشر. فهم متفقون على أنه لم يبلغ الحلم حين البعثة. وأما أبو بكر الصديق، وزيد بن حارثة، وغيرهما من كبار الصحابة.

فلم يختلف أحد من أهل العلم في أنهم حال البعثة رجال بالغون، وهم أعظم ملازمة ومؤانسة للنبي صلى الله عليه وسلم إذ ذاك من علي؛ ولهذا ذكر أهل العلم أن زيد بن حارثة هو الذي كان معه حال خروجه إلى الطائف يدعوهم إلى الله، وأن أهل الطائف لما ضربوه وأخرجوه، وأمروا سفهاءهم وصبيانهم يرمونه بالحجارة حتى دميت قدماه، جعل زيد بن حارثة يقيه بنفسه؛ ولهذا ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث عائشة -رضي الله عنها- أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم "هل أتى عليك يوم أشد عليك من يوم أحد؟ فقال: لقد أتى علي من قومك، وكان أشد ما لقيت منهم إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن كلال، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب" الحديث.

وكذلك أبو بكر رضي الله عنه ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قيل له: أخبرنا بأشد شيء صنعه المشركون برسول الله صلى الله عليه وسلم؟

<<  <  ج: ص:  >  >>