للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويعقلونه كعلي -رضي الله عنه- وأصحابه، ومن شابههم من أهل الفهم والمعرفة لكتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

وأما أهل الجهل والضلال فهو عليهم عمى وضلال كما قال -تعالى-: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمىً أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} ١، كهذا المعترض ومن شاكله الذي يتناقض في السطر الواحد، ويرد كلامه بعضه بعضا، وهو لا يشعر ولا يدري.

والفائدة في حديث عمار قد عقلها أهل السنة والجماعة، وهو أنهم علموا أن قتلة عمار فئة باغية على الإمام، وأن عليا رضي الله عنه وأصحابه أولى بالحق من معاوية رضي الله عنه وأصحابه، وهذا هو الفائدة في الحديث؛ ومن فهم منه غير ذلك فقد أبعد النجعة، وتكلف ما لا علم له به.

(الوجه الرابع): أن يقال: حمله هذه الآيات التي ذكرها على معاوية وأصحابه مثل حمل الخوارج آيات الشرك والكفر والظلم على علي رضي الله عنه وأصحابه سواء بسواء، فكما أن كلام الخوارج معلوم البطلان بضرورة العقل، فكذلك حمل هذه الآيات على معاوية رضي الله عنه وأصحابه معلوم البطلان بالضرورة. فما هذه الوقاحة، وقلة الحياء، وصفاقة الوجوه؟!

(الوجه الخامس): أن يقال قوله: ما هذه السوابق والحسنات التي لهم؟ هل قتل عمار وخزيمة ذي الشهادتين وأبي الهيثم بن التيهان وغيرهم من المهاجرين والأنصار؟ فيقال: الحسنات العظيمة التي لا مطمع لأحد فيها هي صحبتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وجهادهم معه الذي لو أنفق الرجل مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم، ولا نصيفه.

كما ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لخالد بن الوليد لما جرى بينه وبين عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنهما- كلام ومنازعة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "يا خالد، دع عنك أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أنفقت مثل أحد ذهبا ما بلغت مد أحدهم ولا نصيفه"٢ هذا كلامه في خالد وهو من جملة الصحابة. لكنه ليس من السابقين الأولين، فكيف بمن لم يصحبه؟


١ سورة فصلت آية: ٤٤.
٢ البخاري: المناقب (٣٦٧٣) , ومسلم: فضائل الصحابة (٢٥٤١) , والترمذي: المناقب (٣٨٦١) , وأبو داود: السنة (٤٦٥٨) , وأحمد (٣/ ١١ ,٣/ ٥٤ ,٣/ ٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>