للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى يومنا هذا.

والحق في ذلك اتباع السنة، وقد مدحه جده صلى الله عليه وسلم كما ثبت في صحيح البخاري ومسلم وغيرهما بالأسانيد الصحيحة عن الحسن البصري -وكان من سادات التابعين وأفاضلهم- قال: "استقبل الحسنُ بن علي معاويةَ بكتائب أمثال الجبال، فقال عمرو بن العاص لمعاوية: إني لأرى كتائب لا تُوَلِّي حتى تقتل أقرانها، فقال له معاوية -وكان والله خير الرجلين-: أي عمرو، إن قتل هؤلاء هؤلاء، وهؤلاء هؤلاء، مَنْ لي بأمور المسلمين، من لي بنسائهم، من لي بضيعتهم؟ فبعث إليه رجلين من قريش من بني عبد شمس، فقال: اذهبا إلى هذا الرجل، فاعرضا عليه وقولا له واطلبا إليه، فأتياه فدخلا عليه وتكلما وقالا له وطلبا إليه، فقال لهما الحسن رضي الله عنه: إنا بنو عبد المطلب قد أصبنا من هذا المال، وإن هذه الأمة قد عاثت في دمائها. قالا له: فإنه يعرض عليك كذا وكذا ويطلب إليك ويسألك، قال: مَنْ لي بهذا، من لي بهذا؟ قالا: نحن لك به، فما سألهما شيئا إلا قالا: نحن لك به، قال الحسن: فصالحه. قال الحسن: ولقد سمعت أبا بكرة رضي الله عنه يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم والحسن بن علي رضي الله عنه إلى جنبه، وهو ينظر إلى الناس مرة، وإليه مرة، ويقول: إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين".

[ما فعله الحسن من الصلح مع معاوية مما يحبه الله ورسوله]

ففي هذا الحديث الصحيح أن معاوية رضي الله عنه هو الذي طلب إليه الصلح، والذي ذكره أهل السير والأخبار أن الحسن هو الذي كتب إلى معاوية يخبره أنه يصير الأمر إليه على شروط اشترطها عليه.

وقد أخرج الحاكم عن جبير بن نفير قال: قلت للحسن: إن الناس يقولون: إنك تريد الخلافة؟ فقال: "قد كانت جماجم العرب في يدي يحاربون من حاربت، ويسالمون من سالمت، تركتها ابتغاء وجه الله، وحقن دماء أمة محمد صلى الله عليه وسلم من أهل الحجاز". أو كما قال.

<<  <  ج: ص:  >  >>