للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر الشيخ -رحمه الله- في جوابه: أن الأبيات المذكورة تضمَّنت الشرك، وصرف خصائص الربوبية والإلهية لغير الله، فاعترض عليه جاهل ضالٌّ فقال مبرئا لصاحب الأبيات من ذلك الشرك بقوله: حماه الله من ذلك، ويكفيه في نفي هذه الشناعة قوله أول المنظومة:

* دع ما ادعته النصارى في نبيهم *

البيت المطابق لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم"١.

(الجواب): أن هذه التبرئة إنما نشأت عن الجهل وفساد التصور، فلو عرف الناظم وهذا المعترض ومن سلك سبيلهما حق الله على عباده، وما اختصَّ به من ربوبيته وإلهيته، وعرفوا معنى كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم لَمَا قالوا ما قالوا هم وأمثالهم ممن جهل التوحيد، كما قال تعالى في حق من هذا وصفه: {وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ} ٢.

فالجهل بما بعث الله به رسله قد عمَّ كثيرا من هذه الأمة، وظهر فيها ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا حجر ضب لدخلتموه. قالوا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: "فمن؟ "٣ ونحو هذا من الأحاديث.

وقوله: ويكفيه في نفي هذه الشناعة قوله أول المنظومة:

* دع ما ادعته النصارى في نبيهم * ... ... .... البيت

(الجواب): أن هذا يزيده شناعة ومقتا؛ لأن هذا تناقض منه بيِّن، وبرهان على أنه لا يعلم ما يقول، فلقد وقع فيما وقعت فيه النصارى من الغلو العظيم الذي نهى الله عنه ورسوله، ولعن النبي صلى الله عليه وسلم من فعله، أو فعل ما يوصل إليه بقوله: "لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. يحذر ما صنعوا"٤. وقال:


١ البخاري: أحاديث الأنبياء (٣٤٤٥) , وأحمد (١/ ٢٣ ,١/ ٢٤ ,١/ ٤٧).
٢ سورة الأنعام آية: ١١٩.
٣ البخاري: أحاديث الأنبياء (٣٤٥٦) , ومسلم: العلم (٢٦٦٩) , وأحمد (٣/ ٨٤ ,٣/ ٨٩ ,٣/ ٩٤).
٤ البخاري: الصلاة (٤٣٦) , ومسلم: المساجد ومواضع الصلاة (٥٣١) , والنسائي: المساجد (٧٠٣) , وأحمد (١/ ٢١٨ ,٦/ ٣٤ ,٦/ ٨٠ ,٦/ ١٢١ ,٦/ ٢٥٥) , والدارمي: الصلاة (١٤٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>