للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والضعيف والحسن والموضوع، فلا ينبغي للسائل -رحمه الله تعالى- أن يعبر بمثل هذه العبارة في مثل هذه الأحاديث وما شاكلها، وإنما ينبغي له أن يقول: يذكر في الحديث ١ أو يروى في بعض الكتب، وأشباه هذه العبارات التي يفعلها أهل التحقيق والعرفان، من أهل الفقه والحديث والإيمان؛ وذلك لأنه لا ينبغي له أن يجزم بأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال إلا فيما ثبت إسناده وصححه أهل العلم بهذا الشأن، لأنه ثبت في الأحاديث الصحيحة من رواية جماعة من الصحابة -رضي الله عنهم- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن كذبا علي ليس ككذب على أحد، من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار"٢، وفي صحيح مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من حدث عني بحديث، وهو يرى أنه كذب، فهو أحد الكاذبين"٣، فلهذا كان كثير من الصحابة والتابعين لهم بإحسان يهابون الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والجزم به إلا فيما ثبت عندهم وقطعوا عليه.

وقد أخرج إسحاق بن راهويه في مسنده من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه مرفوعا: "صنفان من أمتي لا يدخلون الجنة: القدرية والمرجئة"٤، قال الحافظ ابن حجر: فيه انقطاع من رواية بقية بن الوليد. وأخرج أيضا إسحاق من رواية بقية بن الوليد: حدثني سليمان بن جعفر الأعبدي عن محمد بن أبي ليلى عن أبيه عن جده أبي ليلى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "صنفان من أمتي لا يردون على الحوض: القدرية والمرجئة".

وبقية بن الوليد مختلف فيه، ووثقه بعضهم إذا روى عن الثقات، وضعفه إذا روى عن المجهولين.

قال ابن مسهر الغساني: بقية أحاديثه ليست بنقية، فكن من أحاديث


١ السائل قال هذا في الرواية الأولى فليتأمل.
٢ البخاري: الجنائز (١٢٩١) , ومسلم: مقدمة (٤).
٣ مسلم: مقدمة (١) , والترمذي: العلم (٢٦٦٢) , وابن ماجه: المقدمة (٣٩ ,٤١) , وأحمد (٤/ ٢٥٥ ,٥/ ١٤ ,٥/ ٢٠).
٤ الترمذي: القدر (٢١٤٩) , وابن ماجه: المقدمة (٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>