صلى الله عليه وسلم أو غيره بعد وفاته وبعده عن الداعي، لا يحبه الله تعالى ولا يرضاه ولا رسوله صلى الله عليه وسلم، وهو التوسل الذي ذكره العلامة ابن القيم -رحمه الله تعالى- وشيخه -رحمه الله تعالى- وصرَّحا بأنه شرك، وللعلامة من أبيات في المعنى، وهي قوله:
والشرك فهو توسل مقصوده الز ... لفى من الرب العظيم الشان
بعبادة المخلوق من حجر ومن ... بشر ومن قبر ومن أوثان
والناس في هذا ثلاث طوائف ... ما رابع أبدًا بذي إمكان
إحدى الطوائف مشرك بإلهه ... فإذا دعاه دعا إلهًا ثاني
هذا وثاني هذه الأقسام ذ ... لك جاحد يدعو سوى الرحمان
هو جاحد للرب يدعو غيره ... شركًا وتعطيلًا له قدمان
هذا وثالث هذه الأقسام خير ... الخلق ذاك خلاصة الإنسان
يدعو إله الحق لا يدعو ولا ... أحدًا سواه قط في الأكوان
يدعوه في الرغبات والرهبات والـ ... ـحالات من سر ومن إعلان
وقد أنكر الله ذلك الدعاء على من زعم في الرسل والملائكة ذلك كما قال تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلًا} ١.
قال طائفة من السلف: كان أقوام يدعون المسيح وأمه وعزيرا والملائكة، فأنكر الله ذلك، وقال: هؤلاء عبيدي كما أنتم عبيدي، يرجون رحمتي كما ترجون رحمتي، ويخافون عذابي كما تخافون عذابي. وهؤلاء الذين نزلت هذه الآية في إنكار دعوتهم هم من أوليائه وأحبائه، وقد تقدَّم أن الدعاء وجميع أنواع العبادة حق لله مختص به، كما تقدم في الآيات.
والحاصل أن الله تعالى لم يأذن لأحد أن يتخذ شفيعًا من دونه يسأله ويرغب إليه ويلتجئ إليه، وهذا هو العبادة، ومن صرف من ذلك شيئًا لغير الله فقد أشرك مع الله غيره كما دلت عليه الآيات المحكمات، وهذا ضد إفراد الله بالعبادة
١ سورة الإسراء آية: ٥٦.