للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ} ١ الآية. وعن عائشة -رضي الله عنها- مرفوعا "إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه، فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم"٢.

وحاصل ما قدمنا من الجواب على ما أورده المشبه هنا يتضمن خمسة أوجه:

(الأول): أن ابن أريقط أجير ومن شأن الأجير أن يخدم المستأجر؛ لأنه ملك منافعه بعقد الإجارة، والأجير تحت المستأجر.

(الوجه الثاني): أن ذلك مستأجر في مصلحة دينية هي من أكبر مصالح الدين، فإعانته للمسلم وقت الحاجة إليه لا محذور فيها لكونها مصلحة محض، فكيف يجوز أن يستدل بذلك على ما هو أعظم المفاسد في الدين من موالاة المشركين وإعانتهم على باطلهم والصد عن سبيل الله؟

شتان بين الحالتين فمن يرد ... جمعا فما الضدان يجتمعان

(الوجه الثالث): أن استئجار الكافر للمصلحة نظير استرقاق الكافر، وذلك جائز بخلاف العكس، فإنه لا يجوز؛ لأن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه. وهذا المشبه كأمثاله صاروا لأهل مصر ٣ كالمماليك في طاعتهم، ومتابعتهم، وإعانتهم اختيارا منهم لا اضطرارا.

(الوجه الرابع): أن ما فعله ابن أريقط لا يعاب عليه عقلا ولا شرعا بل قد يثاب عليه في حال كفره في الدنيا، وربما صار سببا لإسلامه لقربه من الإسلام بإعانة أهله على طاعة ربهم، بخلاف من أعان على معصية الله والصد عن سبيله، فأين من كان مع أهل الحق ممن كان مع عدوهم؟ وهل سمعت بتفاوت أعظم من هذا التفاوت؟

والله ما اجتمعا ولن يتلاقيا ... حتى تشيب مفارق الغربان


١ سورة آل عمران آية: ٧.
٢ البخاري: تفسير القرآن (٤٥٤٧) , ومسلم: العلم (٢٦٦٥) , والترمذي: تفسير القرآن (٢٩٩٤) , وأبو داود: السنة (٤٥٩٨) , وأحمد (٦/ ١٢٤ ,٦/ ٢٥٦) , والدارمي: المقدمة (١٤٥).
٣ المراد من أهل مصر الجنود الذين قاتلوا جماعة المؤلف وكانوا من شعوب مختلفة وأصل الكلام في الذين ساعدوهم من أهل الحجاز وغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>