الصّحيحة أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- كان يدعو يقول:"يا ربّ اغفر لي ذنبي كلّه، دقّه وجلّه، وأوّله وآخره، وسرّه وعلاينته".
وقوله:"اللهم اغفر لي جهلي وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به منِّي، اللهم اغفر لي جدي وهزلي وخطئي وعمدي وكلّ ذلك عندي". وأشباه ذلك كثيرة عن جماعة من الصّحابة -رضي الله عنهم- والله سبحانه وتعالى أعلم.
(فصل): وأمّا المسألة السّادسة؛ وهي هل يتأكّد الأخذ بالإجماع السّكوتي عن الصّحابة -رضي الله عنهم- وبجمع عمر -رضي الله عنه- الصّحابة على التّراويح، وأمره أبي بن كعب أن يصلِّي بالنّاس لارتفاع العلّة؛ وهي خشيته -عليه السّلام- أن يفرض عليهم.
(فالجواب) أنّ الذي عليه أكثر الفقهاء من الحنفية والمالكية والشّافعية والحنبلية أنّ الأمر إذا اشتهر بين الصّحابة فلم ينكره منهم أحد كان إجماعًا، قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: إنّ الله نظر في قلوب العباد فوجد خيرهم أصحاب محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- فاختارهم لصحبة نبيّه -صلّى الله عليه وسلّم-، فما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن. انتهى.
وباتّباع السّلف الصّالح والأخذ بهديهم وسلوك طريقتهم والسّكوت عمّا ستكوا عنه يزول عن المؤمن شبهات كثيرة، وبدع وضلالات شهيرة أحدثها المتأخرون بعدهم، كالكلام في تأويل آيات الصّفات، وأحاديثها بالتّأويلات المستكرهة التي لم تعهد عن الصّحابة والتّابعين لهم بإحسانٍ؛ فإنّهم سكتوا عن تفسير ذلك بالتّأويلات الباطة، وقالوا: أَمِرُّوها كما جاءت. وقال بعضهم في صفة الاستواء لما سأله سائل عن قوله تعالى:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}، [طه:٥]، كيف الاستواء؟ قال: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسّؤال عنه بدعة، كما تواتر ذلك عن الإمام مالك -رحمه الله-، وما أجاب به مالك -رحمه