للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السعي، نص عليه الشافعي، وبنحوه قال مالك وأبو حنيفة.

ومما يستدل لذلك حديث عائشة وفيه: "فلما كنا في بعض الطريق حضت، فدخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي فقال: ما يبكيك؟ قلت: وددت أني لم أكن خرجت العام، فقال: ارفضي عمرتك، وانقضي رأسك وامتشطي، وأهلي بالحج"١. ومعنى ارفضي العمرة رفض أعمالها، فلو صح سعي قبل الطواف لما منع منه حيضها كما لا يمنع من سائر المناسك. والله أعلم.

[إعادة المتيمم الصلاة عند وجود الماء]

وأما السؤال الثاني: عن قوله صلى الله عليه وسلم في شأن الرجل الذي صلى بالتيمم، فلم يعد لما وجد الماء: "أصبت السنة وأجزأتك صلاتك"٢، وقال للذي أعاد: "لك أجرك مرتين". فلا شك أن الذي لم يعد أصاب الحكم الشرعي بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: "أصبت السنة، وأجزأتك صلاتك"٣. وأما الذي أعاد فهو مجتهد فيما فعل، فأثيب على الصلاة الأولى والثانية؛ لكونه صلى الثانية مجتهدا، فأثيب على اجتهاده للصلاة الثانية، كما أثيب على الصلاة الأولى.

ومن المعلوم أن الفريضة أفضل من التطوع من جنسه أو غير جنسه إلا في أربعة أشياء، ذكرها الجلال السيوطي ضمنها بيتين، والأخير لمحمد الخلوتي الحنبلي:

الفرض أفضل من تطوع عابد ... حتى ولو قد جاء منه بأكثر

إلا التوضؤ قبل وقت وابـ ... ـتداء بالسلام وإبراء للمعسر

وكذا ختان المرء قبل بلوغه ... تمم به نظم الإمام المكثر

[الجمع في الصلاة عند فقد الماء]

وأما السؤال الثالث: فيمن نوى جمع التأخير حيث يجوز الجمع، فدخل وقت الثانية قبل أن يصلوا إلى الماء، فالأفضل في حقهم أن يؤخروا الصلاة إلى أن يصلوا إلى الماء ما لم يدخل وقت الضرورة، فإن صلوا قبل وصولهم إليه أجزأتهم الصلاة بالتيمم، ولا إعادة عليهم.

وقول السائل: فهل يكون وقت الاختيار للثانية وقتا للأولى أم لا؟

الجواب: نعم يكون وقتا لها في حق من يجوز له الجمع إذا نواه، فتنبه! والله أعلم. وصلى الله على محمد وسلم.


١ البخاري: الحيض ٣١٧ والحج ١٥٥٦ ,١٧٨٣ ,١٧٨٦ والمغازي ٤٣٩٥ , ومسلم: الحج ١٢١١ , وأبو داود: المناسك ١٧٧٨ , وابن ماجه: المناسك ٣٠٠٠ , وأحمد ٦/ ١٦٣ ,٦/ ١٧٧ , ومالك: الحج ٩٤٠.
٢ النسائي: الغسل والتيمم ٤٣٣ , وأبو داود: الطهارة ٣٣٨ , والدارمي: الطهارة ٧٤٤.
٣ النسائي: الغسل والتيمم ٤٣٣ , وأبو داود: الطهارة ٣٣٨ , والدارمي: الطهارة ٧٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>