للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وينبغي أن نشير إلى بعض ما ورد عن السلف -رحمهم الله تعالى- في معنى هذه الوصية العظيمة المتضمنة لأصول الدين، وما يقوم عليه من الأعمال.

فعن ابن مسعود -رضي الله تعالى عنه- موقوفا -وروي مرفوعا- والموقوف أشهر {حَقَّ تُقَاتِهِ} ١ أن يطاع فلا يعصى، ويذكر فلا ينسى، ويشكر فلا يكفر.

وأصل الإسلام وأساسه أن ينقاد العبد لله -تعالى- بالقلب والأركان، مذعنا له بالتوحيد، مفردا له بالإلهية والربوبية دون كل ما سواه، مقدما مراد ربه على كل ما تحبه نفسه وتهواه، وهذا معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا"٢ الحديث.

[ما ورد في معنى حبل الله]

وحبل الله دينه الذي أمركم به، وعهده إليكم في كتابه من الألفة والاجتماع على كلمة الحق والتسليم لأمر الله.

قال أبو جعفر ابن جرير -رحمه الله تعالى-: وهو جامع لكل ما ورد عن السلف في معناه كما روي عن ابن مسعود قال: حبل الله الجماعة، وعن أبي العالية: اعتصموا بالإخلاص لله وحده، وعن ابن زيد قال: الحبل الإسلام، وقيل: هو القرآن لما روى ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن هذا القرآن هو حبل الله المتين، وهو النور المبين، وهو الشفاء النافع، عصمة لمن تمسك به، ونجاة لمن اتبعه"٣.

[عليكم بالطاعة والجماعة]

ثم قال تعالى: {وَلا تَفَرَّقُوا} ٤. عن عبد الله بن مسعود أنه قال: "يا أيها الناس، عليكم بالطاعة والجماعة، فإنها حبل الله الذي أمر به، وإن ما تكرهون في الطاعة والجماعة، هو خير مما تحبون في الفرقة".

وأخرج محمد بن نصر المروزي وغيره من حديث عبد الله بن يحيى أبي عامر أن معاوية رضي الله عنه قام حين صلى الظهر بمكة فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم


١ سورة آل عمران آية: ١٠٢.
٢ مسلم: الإيمان ٨ , والترمذي: الإيمان ٢٦١٠ , والنسائي: الإيمان وشرائعه ٤٩٩٠ , وأبو داود: السنة ٤٦٩٥ , وابن ماجه: المقدمة ٦٣ , وأحمد ١/ ٢٧ ,١/ ٥١ ,٢/ ١٠٧.
٣ الدارمي: فضائل القرآن ٣٣١٥.
٤ سورة آل عمران آية: ١٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>