للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى إذا امتدت خاصرتاها، استقبلت عين الشمس فثلطت وبالت ورتعت، وإن هذا المال خضرة حلوة، فنعم صاحبه المسلم ما أعطى منه المسكين واليتيم وابن السبيل". أو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم "وإن من يأخذه بغير حقه، كالذي يأكل ولا يشبع، فيكون شهيدا عليه يوم القيامة". انتهى.

فهذا مثل ضربه رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين فيه أن من جمع الدنيا أو طلبها من غير حلها، وصرفها في غير حقها، صارت عليه وبالا، ومن أجمل في طلبها وأخذها من حلها، وأدى حق الله فيها، ولم يشتغل بها عن طاعة مولاه، فإنها تكون في حقه نعمة وعطية، ولغيره محنة وبلية.

هذا وقد أعطاكم الله من أصناف نعمه ما تحبون، وصرف عنكم ما تكرهون، ابتلاء وامتحانا لتعرفوا نعمه وتشكروها {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} ١.

فانظروا -رحمكم الله- بماذا تقابلونها، أباستعمالها في طاعته ودينه ومراضيه؟ أم تجعلونها سلما إلى الإعراض عن دينه وارتكاب معاصيه من الظلم والبغي والأشر والبطر، واللهو، واللعب، وقول الزور، والسخرية ونحو ذلك مما لا يحبه الله ولا يرضاه؟

نسأل الله السلامة من أسباب التغيير، قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ} ٢.

اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجأة نقمتك، وجميع سخطك، اللهم إنا نعوذ بك من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء.

الله الله عباد الله، قيدوا نعم الله بشكره واتباع ما يرضيه، وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه، فإن الله خولكم نعمه لتطيعوه ولا تعصوه، وتعملوا بدينه وشرعه


١ سورة إبراهيم آية: ٣٤.
٢ سورة الرعد آية: ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>