للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونحو ذلك. بل نعلم أنه نهى عن ذلك كله، وأنه من الشرك الذي حرمه الله ورسوله، لكن لغلبة الجهل وقلة العلم بآثار الرسالة في كثير من المتأخرين، لم يمكن تكفيرهم بذلك حتى يبين لهم ما جاء به الرسول". انتهى.*

فانظر إلى قوله: "لم يمكن تكفيرهم حتى يبين لهم ما جاء به الرسول"، ولم يقل حتى يتبين لهم ١ وتتحقق منهم المعاندة بعد المعرفة.

وقال أيضا لما أنجز كلامه في ذكر ما عليه كثير من الناس من الكفر والخروج عن الإسلام قال: "وهذا كثير غالب لا سيما في الأعصار والأمصار التي تغلب فيها الجاهلية والكفر والنفاق، فلهؤلاء من عجائب الجهل والظلم والكذب والكفر والنفاق والضلال ما لا يتسع لذكره المقال.

وإذا كان في المقالات الخفية فقد يقال: إنه فيها مخطيء ضال لم تقم عليه الحجة التي يكفر صاحبها، لكن ذلك يقع في طوائف منهم في الأمور الظاهرة التي يعلم الخاصة والعامة من المسلمين أنها من دين الإسلام، بل اليهود والنصارى والمشركون يعلمون أن محمدا صلى الله عليه وسلم بعث بها وكفر من خالفها، مثل أمره بعبادة الله وحده لا شريك له، ونهيه عن عبادة أحد سوى الله من الملائكة والنبيين أو غيرهم، فإن


* انظر "الرد على البكري" ٢/ ٧٣١. [معد الكتاب للمكتبة الشاملة]
١ في هذا أن الله -تعالى- قال: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم} والدعوة الصحيحة إنما تكون بالآيات والبينات، والغرض من بيان الآيات أن تتبين لمن توجه إليهم كما قال -تعالى-: {سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق}. وهذه المسائل التي قال فيها شيخ الإسلام أن الجاهل لها لا يمكن الحكم بكفره فيها "حتى يبين له ما جاء به الرسول" لا يحتاج المسلم الجاهل في تبينها إلا إلى بيانها. أعنى أنه لما كان مؤمنا برسالة الرسول كان مقتضى هذا الإيمان أن يقبل كل ما علم أنه من الدين الذي جاء به، ولا يتحقق بيانه إلا بما يفهمه بحسب لغته ودرجة فهمه، فذكر النص العربي للجاهل العجمي لا يعد بيانا له، وكذلك ذكره للعربي العامي بألفاظ غريبة، أو اصطلاحية لا يفهمها.

<<  <  ج: ص:  >  >>