للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرض أن هناك إدلاء لفرض أن هناك هبوطا، وهو يكون إدلاء وهبوطا إذا قدر أن السموات تحت الأرض، وهذا منتف. ولكن فائدته بيان الإحاطة والعلو من كل جانب، وهذا المفروض ممتنع في حقنا، لا نقدر عليه فلا يتصور أن ندلي، فلا يتصور أن يهبط على الله شيء، لكن الله قادر على أن يخرق من هناك بحبل لكن لا يكون في حقه إدلاء، فلا يكون في حقه هبوط عليه، كما لو خرق بحبل من القطب إلى القطب، أو من مشرق الشمس إلى مغربها، وقدرنا أن الحبل مر في وسط الأرض فإن الله قادر على ذلك كله ... " إلى أن قال:

"فعلى كل تقدير قد خرق بالحبل من جانب المحيط إلى جانبه الآخر مع خرق المركز، وبتقدير إحاطة قبضته بالسموات والأرض، فالحبل الذي قدر أنه خرق به العالم وصل إليه، ولا يسمى شيئا بالنسبة إليه لا إدلاء ولا هبوطا، وأما بالنسبة إلينا فإن ما تحت أرجلنا تحت لنا، وما فوق رؤوسنا فوق لنا. وما ندليه من ناحية رؤوسنا إلى ناحية أرجلنا نتخيل أنه هابط، فإذا قدر أن أحدنا أدلى بحبل كان هابطا على ما هنالك، لكن هذا التقدير ممتنع في حقنا.

والمقصود به بيان إحاطة الخالق -تعالى-، كما بين أنه يقبض السموات، ويطوي الأرض ونحو ذلك مما فيه بيان إحاطته بالمخلوقات، ولهذا قرأ في تمام هذا الحديث {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} ١.

وهذا كله كلام على تقدير صحته، فإن الترمذي لما رواه قال: وفسر بعض أهل العلم بأنه هبط على علم الله".

ثم قال الشيخ: "وتأويله بالعلم تأويل ظاهر الفساد، قال: وبتقدير ثبوته يكون دالا على الإحاطة، والإحاطة قد علم أن الله قادر عليها، وعلم أنها تكون يوم القيامة بالكتاب والسنة. فليس في إثباتها في الجملة ما يخالف العقل ولا الشرع، لكن لا نتكلم إلا بما نعلم، وما لم نعلم أمسكنا عنه".*


١ سورة الحديد آية: ٣.
* الرسالة العرشية ص ٢٧ - ٢٩، وهي في مجموع الفتاوى ٦/ ٥٧١ - ٥٧٤. [معد الكتاب للمكتبة الشاملة]

<<  <  ج: ص:  >  >>