للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما بعد: فإنا نحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو كثير الخير دائم المعروف، على ما أولاه من سوابغ نعمه الباطنة والظاهرة، وما ألبسه من ملابس كرامته السنية الفاخرة، التي أعظمها وأجلها على الإطلاق هدايته لدينه الذي ارتضاه لنفسه، واختص به أولياءه، وخاصة أهل كرامته وقدسه. مع أنه قد اطرد القياس بفساد أكثر الناس، وتركهم من الإسلام أصله الأعظم والأساس، وكثرة الاشتباه في أبواب الدين والالتباس.

وجمهورهم عكَس القضية في مسمى الملة الإسلامية، ولم يميزوا بينها وبين الملة القرشية، والسنة الجاهلية، فهم كما وصفهم الله تعالى بقوله: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا} ١.

وكتابك الكريم وصل إلينا، وحسن موقعه لدينا، لما بلغنا عنك من إظهار الإسلام والسنة، وعيب أهل الشرك والبدعة، وطعنك على الدعاة إلى الضلالة، وعيبهم بما يبدونه من سوء العمل وشنيع المقالة، وأن الله قمعهم بك وقواك عليهم، فأذلهم وأهانهم، فأبشر بثواب ذلك، واعتده من أفضل أعمالك وحسناتك.

وفي الحديث: "من أحيا شيئا من سنتي، كنت أنا وهو في الجنة كهاتين، وضم بين إصبعيه".

وفي الأثر: "إن لله عند كل بدعة كيد بها الإسلام وليا لله يذب عنها، وينطق بعلاماتها". فاغتنم ذلك، وكن من صالح أهله، واحرص أن يكون لك في ذلك جماعة وتلامذة يقومون مقامك إن حدث بك حدث، فيكونون أئمة بعدك، ويجري لك مثل أجورهم إلى يوم القيامة كما صح به الخبر.

فاعمل على بصيرة، وسر إلى الله بصلاح القصد والسريرة، وإياك أن يكون لك من أهل الشرك الذين يعبدون الأولياء والصالحين جليس أو صديق، فقد جاء في الأثر: "من جالس صاحب بدعة نزعت منه العصمة ووكل إلى نفسه، ومن مشى إلى


١ سورة الفرقان آية: ٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>