أو وهبه أو وقفه فهو بمنْزلة تلفه؛ لأنّ البائع ما أدرك ماله بعينه.
(وأمّا الثانية): إذا باع رجل على رجلٍ سلعة قيمتها وقت البيع عشرة ثم أفلس المشتري وقد صارت قيمتها عشرين، هل له الرّجوع في الزّيادة المتّصلة أم لا؟
(فالجواب): أنّ من شرط الرّجوع في السّلعة إذا وجدها صاحبها عند المفلس أن لا يكون المبيع زاد زيادة متّصلة، كالسّمن، والكبر، وتعلّم صنعةٍ، فإنّ هذا يمنع الرّجوع، وهو اختيار الخرقي. وعن أحمد -رحمه الله تعالى- إنّ ذلك لا يمنع. قال في الشّرح الكبير، وهو مذهب مالك، والشّافعي، إلّا أنّ مالكًا قال: يخيّر الغرماء بين أن يعطوه السّلعة أو ثمنها الذي باعها به، واحتجّوا بالخبر يعني قوله:"مَن وجد متاعه بعينه عند رجلٍ قد أفلس فهو أحقّ به"، وبأنّه فسخ لا يمنع الزّيادة المنفصلة فلم يمنع المتّصلة كالرّدّ بالعيب.
قال: ولنا أنّه فسخ بسبب حادثٍ فلم يملك به الرّجوع في عين المال الزّائدة زيادة متّصلة؛ كفسخ النّكاح بالإعسار، أو الرّضاع، ولأنّها في ملك المفلس فلم يستحقّ البائع أخذها كالمنفصلة. انتهى.
والذي يترجّح عندي مذهب مالك -رحمه الله-، وهو أنّ الغرماء يخيّرون بين أن يعطوه السّلعة بعينها، وبين أن يعطوه الثّمن الذي باعها به، فعلى هذا إن كان لهم مصلحة في زيادتها المتّصلة أعطوه ثمنه وأخذوا السّلعة، وتكون الزّيادة المتّصلة للمفلس يستوفون بها الغرماء.
(الثالثة): إذا كان على رجلٍ دينٌ وصار الدَّين أكثر من قيمة ماله لو يباع، وظهرت أمارات الفلس، ورهن بعض ماله قبل أن يطلب الغرماء الحجر عليه عند المفتي، هل يصحّ رهنه مع أنّ بعض الغرماء يدّعي عدم ظهور أمارات الفلس لغيبته أو غيرها ما الحكم؟