للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"المرتبة الأولى" مرتبة الإسلام، وهي المرتبة الأولى التي يدخل فيها الكافر أول ما يتكلم بالإسلام ويذعن وينقاد له.

"المرتبة الثانية" مرتبة الإيمان، وهي أعلى من المرتبة الأولى؛ لأن الله تعالى نفى عمن ادعوها الإيمان أول وهلة، وأثبت لهم الإسلام، فقال تعالى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْأِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} ١ فأنكر -سبحانه- عليهم ادعاءهم الإيمان، وأخبر أنهم لم يبلغوا هذه المرتبة إذ ذاك.

وفي الحديث الصحيح -حديث سعد- لما قال للنبي صلى الله عليه وسلم مالك عن فلان؟ فوالله إني لأراه مؤمنا ٢ فقال: "أو مسلما"٣.

"المرتبة الثالثة" الإحسان، وهي أعلى المراتب كلها، وقد تضمن حديث جبريل -عليه السلام- هذه المراتب كلها لما سأله عن الإسلام والإيمان والإحسان، فأخبره صلى الله عليه وسلم بذلك، ثم قال: "هذا جبريل أتاكم يعلمكم أمر دينكم"٤.

فقد ينفى عن الرجل الإحسان ويثبت له الإيمان، وينفى عنه الإيمان ويثبت له الإسلام، كما في قوله -عليه السلام-: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن"٥ ولا يخرجه عن مرتبة الإسلام إلا الكفر بالله، والشرك المخرج من الملة.

وأما المعاصي والكبائر كالزنى والسرقة وشرب الخمر وأشباه ذلك فلا تخرجه عن دائرة الإسلام عند أهل السنة والجماعة، خلافا للخوارج والمعتزلة الذين يكفرون بالذنوب، ويحكمون بتخليد فاعلها في النار.


١ سورة الحجرات آية: ١٤، ١٥.
٢ أي ما لك تعرض أو تعدل عن فلان فلا تعطيه؟ وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "أو مسلما" إضراب يتضمن النهي عن وصفه بالإيمان، وأن يصفه بالإسلام الذي يصدق مهما يكن باطن الرجل. والحديث في الصحيحين.
٣ البخاري: الإيمان "٢٧" , ومسلم: الإيمان "١٥٠" , والنسائي: الإيمان وشرائعه "٤٩٩٣" , وأبو داود: السنة "٤٦٨٣ ,٤٦٨٥" , وأحمد "١/ ١٧٦ ,١/ ١٨٢".
٤ مسلم: الإيمان "٨" , والترمذي: الإيمان "٢٦١٠" , والنسائي: الإيمان وشرائعه "٤٩٩٠" , وأبو داود: السنة "٤٦٩٥" , وابن ماجه: المقدمة "٦٣" , وأحمد "١/ ٢٧ ,١/ ٢٨ ,١/ ٥١".
٥ البخاري: المظالم والغصب "٢٤٧٥" , ومسلم: الإيمان "٥٧" , والترمذي: الإيمان "٢٦٢٥" , والنسائي: قطع السارق "٤٨٧٠ ,٤٨٧١ ,٤٨٧٢" والأشربة "٥٦٥٩ ,٥٦٦٠" , وأبو داود: السنة "٤٦٨٩" , وابن ماجه: الفتن "٣٩٣٦" , وأحمد "٢/ ٢٤٣ ,٢/ ٣١٧ ,٢/ ٣٨٦" , والدارمي: الأشربة "٢١٠٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>