للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخالدين في النار، كما قال تعالى: {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ} ١.

فيقال لمن أنكر أن يكون دعاء الموتى والاستغاثة بهم في الشدائد شركا أكبر: أَخْبِرْنَا عن هذا الشرك الذي عظَّمَه الله، وأخبر أنه لا يغفره، أتظن أن الله يحرمه هذا التحريم ولا يبينه لنا؟

[بيان القرآن للشرك واستحالة تركه بغير بيان]

ومعلوم أن الله -سبحانه- أنزل كتابه تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين. وقد أخبر في كتابه أنه أكمل لنا الدين، وأتم علينا النعمة، ورضي لنا الإسلام دينا. فكيف يجوز أن يترك بيان الشرك الذي هو أعظم ذنب عُصِيَ الله به -سبحانه-؟

فإذا أصغى الإنسان إلى كتاب الله وتدبره وجد فيه الهدى والشفاء {مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هَادِيَ لَه} ٢ {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} ٣.

ويقال أيضا: قد أمرنا الله بدعائه وسؤاله، وأخبر أنه يجيب دعوة الداعي إذا دعاه، وأمرنا أن ندعوه خوفا وطمعا، فإذا سمع الإنسان قوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} ٤ وقوله: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} ٥.

فمعلوم أن هذا عبادة، فيقال: فإن دعا في تلك الحاجة نبيا أو ملكا، أوعبدا صالحا، هل أشرك في هذه العبادة؟. فلا بد أن يقر بذلك، إلا أن يكابر ويعاند.

ويقال أيضا: إذا قال الله: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} ٦ وأطعت الله ونحرت له، هل هذا عبادة؟ فلا بد أن يقول: نعم. فيقال له: فإذا ذبحت لمخلوق نبي، أوملك، أوعبد أو غيرهما، هل أشركت في هذه العبادة؟ فلا بد أن يقول: نعم، إلا أن يكابر ويعاند، وكذلك السجود عبادة، فلو سجد لغير الله لكان مشركا في هذه العبادة.

[دعاء الموتى]

ومعلوم أن الله -سبحانه- ذكر في كتابه من النهي عن دعاء غيره، وتكاثرت


١ سورة التوبة آية: ١٧.
٢ سورة الأعراف آية: ١٨٦.
٣ سورة النور آية: ٤٠.
٤ سورة غافر آية: ٦٠.
٥ سورة الأعراف آية: ٥٥.
٦ سورة الكوثر آية: ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>