المشركون والنصارى ومن ضَاهَاهُم من هذه الأمة، فينفيها أهل العلم والإيمان مثل: أنهم يطلبون من الأنبياء، والصالحين الغائبين والميتين قضاء حوائجهم ويقولون: إنهم إذا أرادوا ذلك قضوها، ويقولون: إنهم عند الله كخواصّ الملوك عند الملوك، يشفعون بغير إذن الملوك، ولهم على الملوك إِدْلالٌ يقضون به حوائجهم فيجعلونهم لله بمنزلة شركاء الملك، والله تعالى- قد نَزَّهُ نفسه عن ذلك. انتهى.
[كلام ابن القيم في الشرك الأصغر والأكبر]
وقال ابن القيم -رحمه الله تعالى-: وأما الشرك فنوعان: أكبر وأصغر. فالأكبر لا يغفره الله إلا بالتوبة منه، وهو أن يتخذ من دون الله ندا يحبه كما يحب الله، وهو الشرك الذي يتضمن تسوية آلهة المشركين برب العالمين. ولهذا قالوا لآلهتهم في النار:{تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} ١ مع إقرارهم بأن الله هو الخالق وحده، خالق كل شيء ومليكه، وأن آلهتهم لا تخلق ولا ترزق، ولا تحيي ولا تميت، وإنما كانت هذه التسوية في المحبة والتعظيم والعبادة كما هو حال أكثر مشركي العالم؛ بل كلهم يحبون معبوديهم ويعظمونها ويوالونها من دون الله، وكثير منهم بل أكثرهم يحبون آلهتهم أعظم من محبة الله، ويستبشرون بذكرهم أعظم من استبشارهم إذا ذكر الله وحده. ويغضبون إذا انتقص أحدٌ معبودَهم وآلهتهم من المشايخ أعظم مما يغضبون إذا انتقص أحدٌ ربَّ العالمين. وإذا انتقص حرمة من حُرُمَات آلهتهم ومعبوداتهم غضبوا غضب الليث إذا حرب، وإذا انتُهكت حُرُمَات الله: لم يغضبوا لها، بل إذا قام المُنْتَهِكُ لها بإطعامهم شيئا رضوا عنه، ولم تُنْكِر له قلوبهم، وقد شاهدنا هذا منهم نحن وغيرنا.
وترى أحدهم قد اتخذ ذكر إلهه ومعبوده من دون الله على لسانه، إن قام، وإن قعد، وإن عثر، وإن مرض، فذكر إلهه ومعبوده من دون الله هو الغالب على لسانه، وهو لا ينكر ذلك ويزعم أنه باب حاجته إلى الله وشفيعه عنده ووسيلته إليه، وهكذا كان عُبَّاد الأصنام سواء.