أمّا بعد؛
فوصل الخط وتضمن السّؤال عمّا نحن عليه من الدّين.
فنقول، وبالله التّوفيق:
الذي ندين الله به عبادة الله وحده لا شريك له، والكفر بعبادة غيره ومتابعة الرّسول النَّبِيّ الأمّيّ حبيب الله وصفيّه من خلقه محمّد -صلّى الله عليه وسلّم-.
فأمّا عبادة الله وحده فقال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}، [الذّريات: ٥٦].
وقال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}، [النّحل، من الآية: ٣٦].
فمن أنواع العبادة الدّعاء وهو الطّلب بياء النّداء؛ لأنّه ينادى به القريب والبعيد، وقد يستعمل في الاستغاثة، أو بأحد أخواتها من حروف النّداء؛ فإنّ العبادة اسم جنس؛ فأمر الله سبحانه وتعالى عباده أن يدعوه ولا يدعو معه غيره. وقال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}، [غافر: ٦٠].
وقال في النّهي: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَدًا}، [الجن: ١٨]. وأحد كلمة تصدق على كلّ ما دُعِي به غير الله تعالى.
وقد روى التّرمذي عن أنس أنّ النَّبِيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: "الدّعاء مخ العبادة".
وعن النّعمان بن بشير قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: "الدّعاء هو العبادة، ثم قال: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} ". رواه أحمد وأبو داود والتّرمذي.
قال العلقمي في شرح الجامع الصّغير: حديث: "الدّعاء مخ العبادة"، قال شيخنا: قال في النّهاية: مخّ الشّيء خالصه، وإنّما كان مخها لأمرين:
أحدهما: أنّه امتثال لأمر الله تعالى حيث قال: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}، فهو مخ العبادة وخالصها.
والثّاني: أنّه إذا رأى نجاح الأمور من الله قطع علقته عمن سواه ودعاه لحاجته وحده، ولأنّ الغرض من العبادة هو الثّواب عليها، وهو المطلوب بالدّعاء.
وقوله: "الدّعاء هو العبادة"، قال شيخنا: قال الطّيبِي أتى بالخبر المعرّف باللام ليدلّ على الحصر، وأنّ العبادة ليست غير