للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى أن قال: وهذا القدر من التّقليد هو مما اتّفق السّلف والأئمة الأربعة على ذمّه وتحريمه.

وأمّا تقليد مَن بذل جهده في اتّباع ما أنزل الله وخفي عليه بعضه وقلّد فيه مَن هو أعلم منه، فهذا محمود غير مذموم، ومأجور غير مأزور، كما سيأتي بيانه عند ذكر التّقليد الواجب والسّائغ إن شاء الله تعالى.

وقال أيضًا في أوّل الجزء الأوّل (من إعلام الموقّعين): قلت وهذه المسألة فيها ثلاثة أقوال لأصحاب أحمد:

أحدها: أنّه لا يجوز الفتوى بالتّقليد؛ لأنّه ليس بعلم والفتوى بغير علمٍ حرام، وهذا قول أكثر الأصحاب.

والثّاني: أنّ ذلك يجوز فيما يتعلّق بنفسه، فيجوز له أن يقلّد غيره من العلماء إذا كانت الفتوى لنفسه، ولا يجوز أن يقلّد العالم فيما يفتي به غيره، فهذا قول ابن بطة وغيره من أصحابنا.

والقول الثّالث: أنّه جوز ذلك عند الحاجة، وعدم المجتهد، وهو أصحّ الأقوال، وعليه العمل. قال القاضي: ذكر أبو حفص في تعاليقه: قال: سمعت أبا عليّ الحسن بن عبد الله النّجاد يقول: سمعت أبا الحسن بن بشار يقول: ما أعيب على رجلٍ يحفظ لأحمد خمس مسائل استند إلى بعض سواري المسجد يفتِي النّاس بها. انتهى كلام ابن القيم ملخّصًا.

وقال في الإقناع وشرحه في شروط القاضي: وأن يكون مجتهدًا إجماعًا. ذكره ابن حزم. وأنّهم أجمعوا أنّه لا يحلّ لحاكمٍ ولا مفتٍ تقليد رجلٍ لا يحكم ولا يفتي، إلّا بقوله؛ لأنّه فاقد للاجتهاد، ولو كان اجتهاده في مذهب إمامه إذا لم يوجد غيره لضرورةٍ، كما قال في الإفصاح إنّ الإجماع انعقد على تقليد كلّ من المذاهب الأربعة، وإنّ الحق لا يخرج

<<  <  ج: ص:  >  >>