بل يوقع في الباطل المحال، والاعتقاد الفاسد، فقد ظن بحكمته ورحمته ظن السوء، وظن أنه وسلفه عبروا عن الحق بصريحه دون الله ورسوله، وأن الهدى والحق في كلامهم وعبارتهم، وأما كلام الله، فإنما يؤخذ من ظاهره التشبيه والتمثيل والضلال، وظاهر كلام االمتهوكين الحائرين هو الهدى والحق، هذا من سوء الظن بالله، فكل هؤلاء من الظانين بالله ظن السوء، ومن الظانين بالله غير الحق ظن الجاهلية.
[أنواع المبتدعين الظانين بالله ظن السوء]
ومن ظن به أنه ليس فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه، وأن نسبة ذاته -تعالى- إلى عرشه كنسبتها إلى أسفل السافلين، فقد ظن به ظن السوء، ومن ظن أنه أسفل كما هو أعلى، وأن من قال: سبحان ربي الأسفل، كمن قال: سبحان ربي الأعلى، فقد ظن به أقبح الظن وأسوأه.
ومن ظن به خلاف ما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله، أو عطل حقائق ما وصف به نفسه، ووصفه به رسوله، فقد ظن به ظن السوء.
ومن ظن به أن أحدا يشفع عنده بغير إذنه، وأن بينه وبين خلقه وسائط يرفعون حوائجهم إليه، وأنه نصب لعباده أولياء من دونه يتقربون بهم إليه، ويتوسلون بهم عليه، ويجعلونهم وسائط بينه وبينهم، فيدعونهم في حاجتهم إليه -سبحانه وتعالى-، فقد ظن به أقبح الظن وأسوأه اهـ.
وقال الحافظ الذهبي: وما أدركنا عليه العلماء في جميع الأمصار حجازا، وعراقا، وشاما، ويمنا يقولون: إن الله على عرشه بائن من خلقه، كما وصف نفسه بلا كيف، وأحاط بكل شيء علما، وهكذا يقولون في جميع الصفات القدسية.
وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني: مذهبنا واختيارنا اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين من بعدهم، والتمسك بمذاهب أهل الأثر مثل الشافعي وأحمد وغيرهم -رحمهم الله-، ونعتقد أن الله عز وجل على عرشه بائن من خلقه {كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} ١.