للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل هو مستو ومالك وقاهر على العرش، وعلى جميع مخلوقاته من حين خلقهم.

وقالوا: إنه في كل مكان، وجحدوا أن يكون على عرشه، كما قال أهل الحق، وذهبوا في الاستواء إلى القدرة، فلو كان كما قالوا كان لا فرق بين العرش، وبين الأرض السابعة؛ لأنه قادر على كل شيء، وكيف يكون في كل مكان؟ ومنه الحشوش والحانات، والمزابل، وما أشبه ذلك من الأماكن المستقذرة، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، ولم يجز عند أحد من المسلمين أن يكون الله في شيء من ذلك، فبطل ما يقولونه بالنقل والعقل.

وذكر أدلة من الكتاب والسنة والعقل سوى ذلك فلا نطيل بذكرها فلتراجع في مظانها.

[قول الإمام أحمد في عقيدة أهل السنة]

وقال أحمد: جملة ما نقول أن نقر بالله وملائكته وكتبه ورسله، وما جاء عن الله، وما رواه الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن الله إله واحد في ذاته وصفاته، لا إله غيره، وإن محمدا عبده ورسوله، وأن الجنة حق، والنار حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، وأن الله -تعالى- مستو على عرشه كما قال: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} ١ وأن له وجها كما قال: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} ٢ وأن له يدين كما قال: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} ٣ وأن له عينا بلا كيف كما قال: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} ٤. وأن من زعم أن اسم الله غيره كان جاهلا، وأن الله يرى بالأبصار يوم القيامة كما يرى القمر ليلة البدر، وأنه يقلب القلوب بين إصبعين من أصابعه، وأنه يضع السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، وأنه ينزل في كل ليلة إلى السماء الدنيا كما جاءت الأحاديث، وأنه يقرب من خلقه كيف يشاء، كما قال: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} ٥ وكما قال: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} ٦ إلى أن قال: ونرى مفارقة كل داعية إلى بدعة ومجانبة أهل الأهواء.

وقد أخذ أبو الحسن "الأشعري" عن الجبائي، ثم نابذه، ورد عليه، وصار متكلما بالسنة،


١ سورة طه آية: ٥.
٢ سورة الرحمن آية: ٢٧.
٣ سورة المائدة آية: ٦٤.
٤ سورة القمر آية: ١٤.
٥ سورة ق آية: ١٦.
٦ سورة النجم آية:٨، ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>