للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القاضي: ويجب تولية الأمثل فالأمثل، وعلى هذا يدلّ كلام أحمد وغيره، فيولَّى للقدم أعدل المقلّدين وأعرفهما بالتّقليد في الفروع، وهو كما قال. انتهى كلام الإنصاف ملخّصًا.

وأما ما ذكرتم عن الأئمة وقول أبي حنيفة: إذا قلت قولًا وفي كتاب الله وسنة رسول الله ما يخالف قولي فاعملوا به، واتركوا قولي.

وقول الشّافعي: إذا صحّ الحديث على خلاف قولي فاضربوا بقولي الحائط واعملوا بالحديث.

وكذا ما ذكرتم عن الأئمة -رضي الله عنهم- أنّهم صرّحوا بعرض أقوالهم على الكتاب والسّنة، فما خالف منها ردّ، وقد تقدّم في أصول أحمد أنّه إذا صحّ الحديث لم يقدّم عليه قول أحدٍ، فهذا قد تقرّر عندنا. ولله الحمد والمنّة.

وأمّا قولكم: إن مرادنا بقولنا: لا ننكر على أتباع الأئمة الأربعة، ولو أشركوا وابتدعوا، فنعوذ بالله من ذلك، بل ننكر الباطل، ونقبل الحقّ ممن جاء به، فإنّ كلّ أحد يؤخذ من قوله ويترك إلّا سيّد الأوّلين والآخرين -صلّى الله عليه وسلّم-.

وأمّا قولكم: والمختار أنّ العمل بالحديث بحسب ما بدا لصاحب الفهم المستقيم، فننظر في صحّة الحديث، وإذا صحّ نظرنا في معناه ثانيًا، فإذا تبيّن فهو الحجة، انتهى كلامكم.

فهل أنتم مجتهدون أم تأخذون من أقوال المفسّرين، وشراح الحديث، وأتباع الأئمة الأربعة؟ فإن كان الثّاني فأخبرونا عن أكثر مَن تأخذون عنه وترضون قوله من علماء أهل السّنة، وفّقنا الله وإيّاكم إلى ما يرضيه. وجنّبنا وإيّاكم العمل بمعاصيه، وسَامَحَنَا وإيّاكم عند الوقوف بين يديه، وجعل أعمالنا مقبولةً لديه.

والله أعلم وصلّى الله على محمّد وآله وصحبه وسلّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>