للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناس في الألفاظ والأفعال انعقد العقد عند كل قوم بما يفهمونه من الصيغ والأفعال، وليس لذلك حد مستمر لا في شرع، ولا في لغة، بل يتنوع اصطلاح الناس كما تتنوع لغاتهم، ولا يجب على الناس التزام نوع معين من الاصطلاحات، ولا يحرم عليهم التعاقد بغير ما يتعاقد به غيرهم؛ إذا كان ما يتعاقدون به دالا على مقصودهم، وإن كان قد يستحب بعض الصفات، وهذا هو الغالب على أصول مالك، وظاهر مذهب أحمد، فأما التزام لفظ مخصوص فليس فيه أثر، ولا نظر.

وهذه القاعدة من أن العقود تصح بكل ما دل على مقصودها من قول أو فعل هي التي تدل عليها أصول الشريعة، وهي التي يعرفها العامة، ولم ينقل عن أحد من الصحابة والتابعين أنه عيّن للعقود صفة معينة من الألفاظ أو غيرها، أو قال ما يدل على ذلك من أنها لا تنعقد إلا بالصيغ، بل قد قيل: إن هذا القول يخالف الإجماع القديم، وهو أنه من البدع، وهذه قاعدة عظيمة نافعة. انتهى ملخصا. والمنصف لا يعدل عنه.

[رد اللقطة لصاحبها]

"الخامسة عشرة": إذا التقط رجل لقطة فطلبها صاحبها، وكتمها الملتقط؛ ليبذل عليها صاحبه مالا، هل له أخذ المال على هذا المنوال، أم لا؟ فإن قلتم: لا يحل، فهل يملك الباذل الرجوع، أم لا؟ وهل لقوله حال الإنشاد: حلال من الله، تأثير، أم لا؟

الجواب": لا يحل له أخذ المال المبذول، والحال ما ذكر؛ لوجوب تعريفها عليه، وإيصالها إلى صاحبها فورا، متى جاء، بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحرم عليه كتمانها، ولو تلفت في هذه الحال ضمنها بقيمتها مرتين.

قال أبو بكر في التنبيه: ثبت خبر عن النبي صلى الله عليه وسلم "في الضالة المكتومة غرامتها، ومثلها معها"١ وهذا حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يرد. اهـ.

وصرح الفقهاء بأن أجرة المنادي عليه، وبكتمانه لها ارتكب محرما، وترك واجبات متعددة، فيجب عليه رد ما أخذه إن لم تطب به نفس باذله بعد علمه بالحال،


١ أبو داود: اللقطة "١٧١٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>