للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معرفة لبين معنى اتحاد المشتق مع المشتق منه، وذلك لعدم معرفته بحقيقة ما تكلم به.

إذا عرفت ذلك فقد ذكر العلماء -منهم ابن القيم رحمه الله تعالى- ما يبين حقيقة الاشتقاق فقال: ونحن لا نعني بالاشتقاق إلا أنها ملاقية لمصادرها في اللفظ لا أنها متولدة منه، تولد الفرع من أصله. وتسمية النحاة للمصدر، والمشتق منه أصلا وفرعا، ليس معناه أن أحدهما متولد من الآخر، وإنما هو باعتبار أن أحدهما يتضمن الآخر وزيادة. اهـ.

[نفي أعيان المعبودات وإبطالها وإزالتها وجعل الله هو المعبود وحده]

ثم إن هذا الرجل لما سمع بما كتبته من الرد عليه، أجاب بقوله: قلنا: إنما يلزم هذا لو أريد بالمستثنى منه فرد خاص جزئي، وإنما أريد منه المفهوم العام المتناول لأفراد المعبود بحق سواء كانت في الذهن أو في الخارج.

"فالجواب": أن من تأمل كلام هذا علم أن هذا الكلام مع تناقضه يصرح بما ذهب إليه من الاتحاد، وذلك أنه قال: إنما يلزم هذا لو أريد بالمستثنى منه فرد خاص جزئي، وإنما أريد منه المفهوم العام، فصرح بأن المراد من المستثنى منه المفهوم العام، وهذا هو معنى قوله الأول: إن لا إله إلا الله إنما نفت مفهوما، ولم تنف ما نفاه الخليل -عليه السلام- وإخوانه من الرسل، وجميع ما في القرآن والسنة، فإن المنفي في ذلك أشخاص موجودة عند عابديها، كأصنام قوم نوح، وكاللات، والعزى، ومناة، ونحو ذلك مما كان يعبده الأمم. وهذا هو الذي نفته كلمة الإخلاص لا إله إلا الله، نفت أن يكون لله شريك في الإلهية من جميع ما كان يعبده أهل الشرك كما قال -تعالى- عن قوم إبراهيم: {قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ} ١ وقال -تعالى-: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرائيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ} ٢ إلى قوله: {أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا} ٣ الآية.


١ سورة الشعراء آية: ٧١.
٢ سورة الأعراف آية: ١٣٨.
٣ سورة الأعراف آية: ١٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>