للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثانية في الأمة، فيتم للحرة ثلاثة أقراء، وللأمة قرآن، القرء: الطهر المتصل بالدم عندهم، فإن طلقها في طهر تطليقة، أو طلقها ثلاثا مجتمعات في طهر لم يمسها فيه فقد لزمه، وليس بمطلق للسنة عند مالك، وجمهور أصحابه، وهو قول الأوزاعي وأبي عبيد، وهذا هو المشهور عن أحمد وأصحابه.

وأجابوا عما احتج به أهل القول الأول فقالوا: أما حديث العجلاني فلا حجة فيه؛ لأنه طلق في غير موضع طلاق، فاستغنى عن الإنكار عليه.

وأما حديث رفاعة بن شموال فقالوا: يحتمل أن يكون طلقها ثلاثا مفترقات في أوقات. وأما حديث فاطمة بنت قيس، فقد قال فيه أبو سلمة: "بعث إلي زوجي بتطليقتي الثالثة"، وأما حديث ركانة فقد تكلموا فيه وضعفوه، فلا حجة فيه.

واحتج هؤلاء بقوله -تعالى-: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} ١ ثم قال: {إِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ} ٢ ومرتان لا تكون إلا في وقتين، والثلاث في ثلاث أوقات، كما في قوله -عليه السلام-: "من سبح الله مائة مرة" أي مرة بعد مرة، ليس المراد أن يقولها مرة واحدة، وكذلك من قال: قرأت سورة كذا مرتين، المراد مرة بعد مرة.

ومن حجتهم أيضا قول الله -تعالى-: {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} ٣ إلى قوله: {لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} ٤ فأي أمر يحدث بعد الثلاث، والأمر إنما أريد به المراجعة، فبطل أن يكون وقوع الثلاث للسنة.

ومن حجتهم أيضا: ما روى النسائي عن محمود بن لبيد: أن رجلا طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعا، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقام مغضبا، فقال: "أيلعب بكتاب الله، وأنا بين أظهركم؟ " قال العسقلاني: رجاله ثقات. وبما روى سعيد بن منصور عن النبي صلى الله عليه وسلم أن عمر كان إذا أُتي برجل طلق امرأته ثلاثا، أوجع ظهره. قال العسقلاني: وسنده صحيح. وبما روى عبد الرزاق وغيره أن ابن عمر قال لمن طلق امرأته ثلاثا مجموعة: عصيت ربك، وبانت منك امرأتك. وبما روى


١ سورة البقرة آية: ٢٢٩.
٢ سورة البقرة آية: ٢٣٠.
٣ سورة الطلاق آية: ١.
٤ سورة الطلاق آية: ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>