قال الشّارح (والرّواية الثّانية) يختصّ تحريم التّفريق بالصّغير، وهو قول الأكثرين منهم: مالك، والأوزاعي، واللّيث، وأبو ثور، وهو قول الشّافعي؛ لأنّ سلمة بن الأكوع أتى بامرأة وابنتها فنفله أبو بكر ابنتها فاستوهبها منه النَّبِيّ -صلّى الله عليه وسلّم- فوهبها له، ولم ينكر التّفريق بينهما. ولأنّ الأحرار يتفرّقون بعد الكبر فإنّ المرأة تزوّج ابنتها وتفارقها، فالعبيد أولى انتهى. قال في الإنصاف: الثّانية: يجوز التّفريق ويصحّ البيع جزم به في العمدة، والوجيز، قال النّاظم: وهو أولى انتهى.
وهذا الحديث الذي احتجوا به نصّ في جواز التّفرقة بينهما بالهبة بعد البلوغ والبيع مثله إن شاء الله تعالى. وهو حديث صحيح ثابت. رواه مسلم وغيره، وهو الأصح عندنا.
قال في الإنصاف: حكم التّفرقة في القسمة وغيرها كأخذه بجناية والهبة والوصية والصّدقة وغيرها حكم البيع على ما تقدّم، ولا يحرم التّفريق بالعتق ولا بالافتداء بالأسرى على الصّحيح من المذهب، وعليه أكثر الأصحاب. قال الخطابي: لا أعلمهم يختلفون في العتق؛ لأنّه لا يمنع من الحضانة.
السّادسة: هل الحكم يختصّ بالأم أم يعمّ ذلك كلّ ذي رحم محرم كالأب والأخ ونحوهما؟
الجواب: قال في الشّرح: ولا يجوز التّفريق بين الأب وولده، وبه قال أصحاب الرّأي، والشّافعي. وقال مالك واللّيث: يجوز. وبه قال: بعض الشّافعية؛ لأنّه ليس من أهل الحضانة بنفسه. ولأنّه لا نصّ فيه، ولا هو في معنى المنصوص؛ لأنّ الأم أشفق منه. ولنا أنّه أحد الأبوين أشبه الأم، ولا نسلم أنّه من أهل الحضانة. انتهى.
قال في الإنصاف: لا يجوز التّفريق بين ذوي محرم هذا المذهب، وعليه الأصحاب. قال في المغني: وتبعه في الشّرح. قاله