للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(افتراؤه عليهم تفضيل العصا على المصطفى)

وذلك أنه زعم أنا نقول: إن العصا أنفع من النبي صلى الله عليه وسلم.

فنقول: الله أكبر على هؤلاء الملاحدة الذين ينفرون الناس عن الدخول في دين الله، {يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا} ١ {وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} ٢ {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ * وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ} ٣.

فمن نسب هذا إلينا، وافتراه علينا، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا، وفضحه على رءوس الأشهاد {يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} ٤.

ويا سبحان الله، كيف يتصور وقوع هذا عاقل أو جاهل أو مجنون؟ ولا يقول هذا من يؤمن بالله واليوم الآخر، ويعلم أنه موقوف بين يدي الله، ومسئول عن ذلك، بل لا يقوله إلا من هو أضل من حمار أهله، نعوذ بالله من رين الذنوب، وانتكاس القلوب {مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} ٥.

بل نشهد الله وملائكته وجميع خلقه أنا نشهد أن محمدا عبده ورسوله، وأمينه على وحيه، وخيرته من خلقه، أرسله رحمة للعالمين، وقدوة للعاملين، ومحجة للسالكين، وحجة على العباد أجمعين، بعثه للإيمان مناديا، وإلى دار السلام داعيا، وللخليقة هاديا، ولكتابه تاليا، وفي مرضاته ساعيا، وبالمعروف آمرا، وعن المنكر ناهيا. أرسله على حين فترة من الرسل، فهدى به إلى أقوم الطرق وأوضح السبل، وافترض على العباد طاعته ومحبته وتعزيره وتوقيره والقيام بحقه. وسد إلى الجنة جميع الطرق فلم يفتحها لأحد إلا من طريقه، فلو أتوا من كل طريق واستفتحوا من كل باب لما فتح لهم حتى يكونوا خلفه من الداخلين، وعلى منهاجه وطريقته من السالكين.


١ سورة الأعراف آية: ٤٥.
٢ سورة المائدة آية: ٦٤.
٣ سورة الأنعام آية: ١١٢ - ١١٣.
٤ سورة غافر آية: ٥٢.
٥ سورة النور آية: ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>