وأما لازمها، فالظاهر لي -والله أعلم- أنه داخل في حكمها وحقها المتقدمين، فتأملهما ١.
فصل
[نواقض كلمة التوحيد]
وأما نواقضها، فقال في "المطلع على أبواب المقنع": "النواقض واحدها ناقض، وهو اسم فاعل من نقض الشيء إذا أفسده، فنواقض الوضوء مفسداته"، انتهى. ومنه "انقض الأمر بعد استقامته": فسد.
فنسأل الله الرحمن الرحيم، اللطيف الكريم، أن يحفظ علينا ديننا، وأن يمتِّعنا به، ويزيدَ إيماننا، وأن يدخلنا جنته برحمته، وأن يعيذنا من أليم نقمته، إنه جَوَادٌ كريم، ويجيب دعوة العباد.
فأما نواقض "لا إله إلا الله" فعسيرٌ إحصاؤها، ولا يكاد يُطاق استقصاؤها، وقد تقدم في معنى "لا إله إلا الله" وفي حكمها جمل من نواقضها، فتأمله، فنحيلك على باب المرتد.
[قول الفقهاء في حكم المرتد]
قال في "الإقناع" وشرحه -وهو العمدة عند متأخري الحنابلة-: (باب حكم المرتد) وهو الذي يكفر بعد إسلامه؛ نطقا أو اعتقادا أو شكا أو فعلا، ولو كان هازلا،
١ اللزوم: الثبوت والدوام، وفسره بعضهم بعدم الانفكاك، فلازم الشيء ما يصحبه ولا ينفك عنه في الواقع، فلازم كلمة التوحيد ما هو أثر فِطريّ طَبعِيّ لاعتقاد مضمونها، وهو غير حقها وحكمها اللذان هما من وضع الشرع، لا من تأثير الطبع. فالمؤمن الموقن بأنه لا إله يعبد بحق إلا الله الخالق الذي بيده ملكوت كل شيء من نفع وضُرّ، وعطاء ومنع يلزم يقينه هذا إخلاص الدعاء له وحده في كل شدة تعرض له، هذا ألصق لوازم الكلمة بصاحبها مهما يكن مسرفا على نفسه، فإذا كمل يقينه بكثرة الذكر والعبادة كان من لوازم توحيده كمال التوكل والشجاعة في الحق إلى غير ذلك، فأظهر لوازم كلمة التوحيد ألا يدعو صاحبها غير الله فيما هو وراء الأسباب، ولا يستغيث غيره في الشدائد، ولا ينذر ولا يذبح لغيره نسكًا. فويل للمشركين الذين يبيحون كل انفكاك هذه اللوازم عن كلمة التوحيد بدعاء غير الله .. إلخ، ويسمونه توسلا إلى الله لا شركا به.