وأمّا قولك -أيّدك الله بروحٍ منه-: هل له إبطال الشّرط برجعتها؟
فمعلوم أنّ الطّلاق لا يقع حتّى يوجد الشّرط فكيف يراجعها؟
وأمّا قولك: وهل الطلقتان والثّلاث في ذلك سواء؟
فهما سواء ولا فرق بينهما في ذلك بلا نزاع نعلمه.
الخامسة: إذا ذهب لرجلٍ دابة وحلى عليها بشيء وهي التي يسمّيها البدو الحلاوة والبلاسة، بأن يقول: مَن رأى أو أخبرنِي بدابتِي فله كذا، فأخبره، ولم يعمل شيئًا وإنّما هو مجرّد الخبر، هل يحلّ له ذلك للخبر أم لا؟ لأنّه من التّعاون على البر والتّقوى، وأخبر أخاك الخ، وهل يلزم ربّ الدّابّة ما قال؛ لأنّه من تمام الوعد أم لا؟ أم هي مسألة اجتهاد؛ لأنّها مصلحة لحفظ المال؟
فنقول: جزم الفقهاء بأنّ الجعل جائز؛ فلو التقطها مثلًا بعد أن يعلم بالجعالة لم يستحقّ الجعل، قال في الشّرح الكبير في باب الجعالة: هي أن يقول: مَن ردّ عبدي أو لقطتِي فله كذا، فإذا قال ذلك فمَن فعله بعد أن بلغه الجعل استحقّه لما ذكرنا من الآية، وحديث أبي سعيد، يعنِي قوله تعالى:{وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ}، [يوسف، من الآية: ٧٢]. وحديث أبِي سعيد في رقية اللّديغ.
قال: وإن فعل قبل ذلك لم يستحقّه، سواء ردّه قبل بلوغه الجعل أو بعد، إذا التقط لقطة قبل أن يبلغه الجعل لم يستحقّ الجعل؛ لأنّه؛ لأنّه التقطها بغير عوضٍ وعملٍ في مال غيره بغير جعلٍ فلم يستحقّ شيئًا كما لو التقطها ولم يجعل فيها ربّها شيئًا، وفارق الملتقط بعد بلوغ الجعل؛ فإنّه إنّما بذل منافعه بعوض جعله فاستحقّه؛ كالأجير إذا عمل بعد العقد، وسواء كان التقاطه لها بعد الجعل أو قبله لما ذكرناه. ولا يستحقّ أخذ الجعل بردّها؛ لأنّ الرّدّ واجب عليه من غير عوضٍ فلم يجز أخذ العوض عن الواجب؛ كسائر الواجبات، وسواء ردّها