بالشّرط مطلقًا، وأمّا مَن يفصل بين القسم المحض والتّعليق الذي يقصد به الوقوع فإنّه يقول بالآثار المروية عن الصّحابة كلّها في هذا الباب؛ فإنّهم صحّ عنهم الإفتاء بالوقوع في صور وصحّ عنهم عدم الوقوع في صور، والصّواب ما أفتوا به في النّوعين ولا يؤخذ ببعض فتاويهم ويترك بعضًا. إلى أن قال:
(فصل):
قد عرف أنّ الحلف بالطّلاق له صيغتان:
إحداهما: إن فعلتِ كذا فأنتِ طالق.
والثّانية: الطّلاق يلزمنِي لا أفعل كذا، وأنّ الخلاف في الصّيغتين حاصل قديمًا وحديثًا. وهكذا الحلف بالحرام له صيغتان:
إحداهما: إن فعلت كذا فأنتِ عليّ حرام، أو ما أحلّ الله عليّ حرام.
والثّانية: الحرام يلزمنِي لا أفعل كذا. فمَن قال في:"الطّلاق يلزمنِي"إنّه ليس بصريحٍ ولا كنايةٍ ولا يقع به شيء ففي قوله: الحرام يلزمنِي أولى. ومَن قال: إنّه كناية نوى به الطّلاق كان طلاقًا وإلّا فلا، فهكذا يقول في"الحرام يلزمنِي"، إن نوى به التّحريم كان كما لو نوى بالطّلاق التّعليق، فكأنّه التزم أن يحرم كما التزم ذلك أن يطلق ولا يجوز أن يفرّق بين المسلم وبين امرأته بغير لفظٍ لم يوضع للطّلاق ولا نواه، وتلزمه كفّارة يمين لشدّة اليمين إذ ليست كالحلف بالمخلوق التي لا تنعقد ولا هي من لغو اليمين فهي يمين منعقدة، وفيها كفّارة يمين وبه أفتى ابن عبّاس.
وفي قوله: أنتِ عليّ حرام، أو أنتِ عليّ حرام كالميتة، والدّم، ولحم الخنْزير، مذاهب:
أحدها: أنّه لغو وباطل لا يترتّب عليه شيء، وهو إحدى الرّوايتين عن ابن عبّاس، وبه قال مسروق والشّعبي وأبو سلمة وعطاء وداود وجميع أهل الظّاهر وأكثر أصحاب الحديث.
الثّاني: أنّها ثلاث تطليقات، وهو قول عليّ بن أبي طالب وزيد بن ثابت وابن عمر