بولاية فاسقٍ، أو شهادة فاسقين، ونكاح الأخت في عدّة أختها ثم قال: ولا يقع في النّكاح الباطل إجماعًا.
الجواب -وبالله التّوفيق-: أنّ الفاسد هنا هو ما اختلف في صحّته؛ لأنّ كلًّا من المختلفين إمام مجتهد، وله استدلال على ما ذهب إليه. فإذا قال الإمام أحمد -رحمه الله- إنّ النّكاح لا يصحّ لحديث كذا، وقال فيه أصحابه ومَن تبعه لقوّة دليله عندهم. ورأينا غيره يقول بالصّحّة، ويقدح في إسناد حديثه مثلًا، فإنّا لا نحكم والحالة هذه بأنّ النّكاح لم ينعقد فنقول هو فاسد، ولا يخرج من ذلك إلّا بالطّلاق خروجًا من خلاف العلماء.
وأمّا الباطل فهو ما أجمع على بطلانه لظهور دليله وعدم المعارض، فيكون غير منعقد من أصله فلا يحتاج إلى طلاقٍ ما لم ينعقد بيقين.
وأمّا طلاق الثّلاث فإنّه يقع عند الجمهور مفرقًا أو مجموعًا، وهو الذي عليه العمل سلفًا وخلفًا من خلافة عمر ومن بعده، وهو كذلك عند الأئمة الأربعة، وهو الأصحّ في مذاهبهم عند أصحابهم، وإن كان الخلاف فيه إنّما اشتهر عن شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامّة ابن القيم -رحمهما الله تعالى- أخذا بما كان الأمر عليه في عهد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وخلافة أبي بكر وصدرًا من خلافة عمر، والجمهور أخذوا بالآخر من اجتهاد عمر، ولهم أجوبة عمّا استدلّ به شيخ الإسلام معروفة. وعمدتهم فيما ذهبوا إليه من إيقاع الثّلاث مطلقًا ظاهر القرآن؛ فإنّ الله تعالى لم يجعل له إلّا ثلاث تطليقات، قال تعالى:{الطَّلاقُ مَرَّتَانِ}، [البقرة، من الآية: ٢٢٩]، وثم قال:{فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}، [البقرة، من الآية: ٢٣٠]. وبذلك أفتى ابن عبّاس -رضي الله عنهما- وغيره، وهو حبر الأمّة، فالاستدلال بفتي ابن عبّاس والصّحابة أحقّ،