المختصرات، وفي شرح الإقناع في أوّل الوقف أنّهم اتّفقوا على صحّة الوقف في المساجد والقناطر، يعنِي بقعهما لا الوقف عليهما. واختلفوا فيما سوى ذلك.
إذا تبيّن ذلك فأنت تعلم أنّ الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- قال:"مَن أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو ردّ". وفي لفظٍ:"مَن عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو ردّ". وتقطع أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يأمر بهذا ولو أمر به لكان الصّحابة أسبق النّاس إليه وأحرصهم عليه، وتقطع أيضًا أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أتى بسدّ الذّرائع، وهو من عظم الأشياء ذريعة إلى تغيير حدود الله، هذا على تقدير أنّ العالم المنسوب إليه هذا يصحّح مثل أوقافنا وأنَّى ذلك وحاشا وكلا، بل إنّهم يبطلون الوقف الذي يقصد به وجه الله على أمرٍ مباحٍ ويقولون لا بدّ منه على أمر قربة، وأمّا كونه جعل ماله بعد الورثة على برّ فهذا لا يكون إلّا بعد انقراضهم وعادتنا نفتي ببطلان مثل هذا. ولا نلتفت إلى هذا المصرف الثّاني. وذكر بطلان مثل هذا في الشّرح الكبير وغيره.
المسألة الثّانية: وهي وقف المرأة على ولدها وليس لها زوج إلى آخره.
فكذلك تعرف أنّ الوقف على الورثة ليس من دين الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم-، ولو شرعه لكان أصحابه أسرع النّاس إليه سواء شرط على قسم الله أم لا. وهذا في الحقيقة يريد أمرين:
الأوّل: تحريم ما أحلّ الله لهم من بيعه وهديته والتّصرّف فيه.
والثّاني: حرمان زوجات الذّكور وأزواج الإناث فيشابه مشابهة جيّدة ما ذكر الله عن المشركين في سورة الأنعام، ولكن كون الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- لم يأمر به كافٍ في فساده صلحت نيّة صاحبه أم فسدت.
المسألة الثّالثة: إذا لم يعلم هل هذا وقف على مَن يرث أم لا؟ ولكن الإفاضة على أنّه على مَن يرث. فأنا لا أدري شيئًا عن هذه المسألة،