قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- وقد سُئل عن المعاملات التي يتوصّل بها إلى الرّبا*: فمن ذلك أن يكون المدين معسرًا فيقلب الدَّين في معاملة أخرى بزيادة مال وما يلزم ولاة الأمر في هذا.
وهل يرد على صاحب المال رأس ماله دون ما زاد؟
فأجاب: المراباة حرام بالكتاب والسّنة والإجماع. وقد لعن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- آكل الرّبا، وموكلّه، وكاتبه، وشاهديه، ولعن المحلِّل والمحلَّل له، وكان أصل الرّبا في الجاهلية أنّ الرّجل يكون له على الرّجل المال المؤجَّل فيقول له: أتقضي أم تربي؟ فإن وفاه وإلّا زاد هذا في الأجل وزاد هذا في المال. فيتضاعف المال والأصل واحد. وهذا الرّبا حرام بإجماع المسلمين.
وأمّا إذا كان هذا هو المقصود لكن توسلوا بمعاملة أخرى فهذا تنازع فيه المتأخّرون. وأمّا الصّحابة فلم يكن منهم نزاع في أنّ هذا محرَّم. والآثار عنهم بذلك كثيرة. والله تعالى حرّم الرّبا لما فيه من ضرر المحتاجين، وأكل المال بالباطل، وهو موجود في المعاملات الرّبوية. فإذا حلّ الدَّين وكان الغريم معسرًا لم يجز بإجماع المسلمين أن يقلب عليه الدَّين بل يجب إنظاره. وإن كان موسرًا كان عليه الوفاء فلا حاجة إلى القلب لا مع يساره ولا مع إعساره. والواجب على ولاة الأمر بعد تعزير المعاملين بالمعاملة الرّبوية أن يأمروا المدين بأن يؤدّي رأس المال ويسقطوا الزّيادة الرّبوية. فإن كان معسرًا وله مغلات يوفي دَينه منها وفَّى دَينه منها بحسب الإمكان. والله تعالى أعلم. انتهى كلام شيخ الإسلام رحمه الله تعالى.
فتأمّلوا قوله: إن كان معسرًا وله مغلات، كيف سمّاه معسرًا مع وجود عقار يستغله.
ومن صور قلب الدَّين أنّه إذا حلّ أجل ما في ذمّة المدين من الدّراهم وعلم صاحب الدّين أنّه لا يجد دراهم يدفعها إليه. قال له بِعْنِي طعامًا في ذمّتك على كذا وكذا، فيسلم إليه الدّراهم بطعام في ذمّته، فإذا قبض منه