وقال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ} الآيات، [الممتحنة من الآية: ١].
والله أعلم.
[هجرة المسلم من بلده إذا كانت على الكفر أو الشرك]
(المسألة الثانية عشرة): رجل دخل هذا الدين وأحبه، ويحب من دخل فيه، ويبغض الشرك وأهله، ولكن أهل بلده يصرحون بعداوة أهل الإسلام، ويقاتلون أهله، ويعتذر أن ترك الوطن يشق عليه، ولم يهاجر عنهم؛ فهل يكون مسلما، أو كافرا وهل يعذر بعدم الهجرة؟
(الجواب): أما الرجل الذي عرف التوحيد، وآمن به، وأحبه، وأحب أهله، وعرف الشرك، وأبغضه، وأبغض أهله، ولكن أهل بلده على الكفر والشرك، ولم يهاجر؛ فهذا فيه تفصيل:
فإن كان يقدر على إظهار دينه عندهم، ويتبرأ مما هم عليه من الكفر، والشرك، ويظهر لهم كفرهم، وعداوته لهم، ولا يفتنونه عن دينه لأجل عشيرته، أو ماله، أو غير ذلك فهذا لا يحكم بكفره، ولكنه إذا قدر على الهجرة ولم يهاجر، ومات بين أظهر المشركين، فيخاف عليه أن يكون قد دخل في أهل هذه الآية:{إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}[النّساء: ٩٧]، فلم يعذر الله إلا من لم يستطع حيلة، ولا يهتدي سبيلا؛ ولكن قل أن يوجد اليوم مَنْ هو كذلك إلا أن يشاء الله، بل الغالب أن المشركين