النّبوّة، ومدار الأحكام عليهما، والعجب كلّ العجب أنّ حفظة القرآن وحملة الأحاديث والآثار ضلّوا عمّا هو محفوظ في صدورهم، متلوّ بألسنتهم، وطلبوا العلم من غيره فضلّوا وأضلّوا، فعليكم بطلب العلم النّافع لاسيما ما يُسْأَل عنه العبد في قبره: مَن ربُّك، وما دينك، ومَن نبيّك؟ اعرفوا تفاصيل هذا، ومعنى الرّبّ في هذا المحلّ، وتفقّهوا في هذه الأصول قبل أن تزلّ قدم وتزول. وأمّا الفرق بين المداراة والمداهنة، فالمداهنة: ترك ما يجب لله من الغيرة والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، والتّغافل عن ذلك لغرضٍ دنيويٍّ، وهوى نفساني، كما في حديث:"إنّ مَن كان قبلكم كانوا إذا فعلت فيهم الخطيئة أنكروها ظاهرًا، ثم أصبحوا من الغد يجالسون أهلها ويآكلونهم ويشاربونهم كأن لم يفعلوا شيئًا بالأمس"، فالاستئناس والمعاشرة مع القدرة على الإنكار هي عين المداهنة. قال الشّاعر:
وثمود لو لم يدهنوا في ربّهم ... لم تدم ناقتهم بسيف قدار
وأمّا المداراة فهي درء الشّرّ المفسد بالقول اللّين، وترك الغلظة أو الإعراض عنه إذا خيف شرّه أو حصل منه أكبر مما هو ملابس. وفي الحديث:"شرّكم مَن اتقاه النّاس خشية فحشه". وعن عائشة -رضي الله عنها- أنّه استأذن على النَّبِيّ -صلّى الله عليه وسلّم- رجلٌ فقال:"بئس أخو العشيرة هو"، فلمّا دخل على النَّبِيّ -صلّى الله عليه وسلّم- ألان له الكلام. فقالت عائشة: قلت فيه يا رسول الله ما قلت؟ فقال:"إنّ الله يبغض الفحش والتّفحش". والمسألة تحتاج لبسط إذا جاء منيف نملي عليه إن شاء الله ما تيسّر.
وبلّغوا سلامنا إخوانكم وعيالكم ومنيفًا وابن عجيم. ولدينا الإمام وعيالنا طيّبون يبلّغون السّلام.