منهم؟ قال:"أجر خمسين منكم". وعتبة هذا قال الحافظ المنذري في مختصر السّنن لأبي داود هو: العبّاس بن أبي حكيم الهمدانِي الشّامي، وثّقه غير واحدٍ، وتكلّم فيه غير واحدٍ.
قلت: وقد حكم التّرمذي على هذا الحديث أنّه حسن غريب.
إذا عرفت ذلك فالمعنى الذي لأجله استحقّ الأجر العظيم والثّواب، وساوى فضل خمسين من الصّحاب، إنّما هو لعدم المعاون والمساعد على ما ذكره الحافظ أبو سليمان الخطابي، وأبو الفرج عبد الرّحمن بن رجب وغيرهما، فالمستقيم على المنهج السّويّ، والطّريق النّبويّ عند فساد الزّمان، ومروج الأديان غريب، ولو عند الحبيب، إذ قد توفرت الموانع، وكثرت الآفات، وتظاهرت القبائح والمنكرات، وظهر التّغيير في الدِّين والتّبديل، واتّباع الهوى والتّضليل، وفقد المعين، وعزَّ مَن تلوذ به من الموحِّدين، وصار النّاس كالشّيء المشوب، ودارت بين الكلّ رحى الفتن والحروب، وانتشر شرّ المنافقين، وعيل صبر المتّقين، وتقطعت سبل المسالك، وترادفت الضّلالات والمهالك، ومنع الخلاص، ولات حين مناص. فالموحِّد بينهم أعزّ من الكبريب الأحمر، ومع ذلك فليس له مجيب ولا راعٍ، ولا قابل لما يقول ولا واعٍ، وقد نصبت له رايات الخلاف، ورمي بقوس العداوة والاعتساف، ونظرت إليه شزر العيون، وأتاه الأذى من كلّ منافقٍ مفتونٍ، واستحكمت له الغربة، وأفلاذ كبده تقطعت مما جرى في دين الإسلام، وعراه من الانثلام والانفصام، والباطل قد اضطرمت ناره، وتطاير في الآفاق شراره، ومع هذا كلّه فهو على الدِّين الحنيف مستقيم، ولحجج الله وبراهينه مقيم. فبالله قل لي