فالجواب: إذا أعطى بعض أولاده عطية في حال الصّحّة وفضلهم على الآخرين أو خصّهم وقبض المعطى العطية ومات الوالد ولم يرجع في عطيته فإنّ هذه المسألة فيها خلاف بين العلماء، فذهب الإمام أحمد في المشهور عنه ومالك والشّافعي وأصحاب الرّاي وأكثر العلماء إلى أنّه ليس لهم الرّجوع؛ لأنّها صارت لازمة في حقّ المعطى بانتقالها إليه في حياة المعطي واتّصل بها القبول والقبض، قالوا: والإثم على الوالد المفضل بينهم. وعن أحمد رواية ثانية: أنّها لا تثبت وللباقين الرّجوع. اختارها ابن بطة وأبو الوفاء ابن عقيل والشّيخ تقيّ الدّين الذي ذكره عنهم صاحب الإنصاف. وروي عن عروة بن الزّبير وإسحاق بن راهويه. فعلى هذه الرّواية الأخيرة إمّا أن تردّ، وإمّا أن تحسب عليه من ميراثه. قال الوالد والعمّ عبد الله في جوابهما للعماني: وهذا القول أقرب إلى الدّليل وأحوط. والله أعلم. انتهى. لكن الذي أفتى به شيخ الإسلام محمّد بن عبد الوهّاب واستمرّت عليه الفتوى مذهب الجمهور.
السّادسة: رجل باع لآخر تمرًا وقت جذاذ النّخل بدراهم حالة، ولم يكن عند المشتري دراهم يوفيه منها, ونيّة البائع عند بيع الثّمرة طمع في معاملته، فلمّا جاء وقت ثوار الزّرع ما أعطاه المشتري وعجز عن الدّراهم ولم يكن عند البائع دراهم يسلّمها عليه فاستقرض دراهم وأسلمها عليه بآصع بر أو شعير فغاب بها قدر نصف يومٍ أو يوم ثم ردّها المسلم على مَن أقرضه إيّاها، وربّما كانت أمانة عند المسلم أخذها بغير إذن صاحبها فأسلمها على مَن اشترى منه التّمر بعيش ثمّ ردّها عليه وردّها المسلم مكانها حيث أخذ فكأنّه قلب ثمن التّمر الذي في ذمّته بعيش، هل تصحّ هذه الصّورة أم لا؟