كالشّفيع مع المشتري، والمؤجّر مع المستأجر، فإن قيل: المستعير أنا أدفع قيمة الأرض لتصير لي لم يلزم المعير. وبهذا كلّه قال الشّافعي. وقال أبو حنيفة: يطالب المستعير بالقلع من غير ضمانٍ إلّا أن يكون أعاره مدّة معلومة فرجع قبل انقضائها؛ لأنّ المعير لم يعره، فإن امتنع المعير من دفع القيمة وأرش النّقص وامتنع المستعير من القلع ودفع الأجرة لم يقلع، ثم إن اتّفقا على البيع بيعت الأرض بغراسها وبنائها ودفع إلى كلّ واحدٍ منهما قدر حقّه، وإن أبيا البيع ترك بحاله وقلنا لهما انصرفا فلا حكم لكما عندنا حتّى تتّفقا. اهـ المقصود ملخصًّا. فتأمّله يستبين لك منه الجواب عن سؤالك ولاسيما قوله: وإن أعارها للغراس أو البناء إلى آخره.
المسألة الثّامنة: إذا كان نهر بين قومٍ لكلٍ منهم فيه نصيب وأراد أحدهم بيع نصيبه من النّهر المذكور هل يصحّ أم لا؟
فالجواب: جواز بيعه مبنِيّ على ملك الماء وعدمه، والصّحيح أنّ الماء يملك بالعمل فيه لا نفس النّبع؛ فإنّه لا يملك إذا لم يكن قد نبع في ملكه، والعمل هو احتفار السّواقي وإصلاحها وبعث الآبار وعمارتها فبهذا تكون مملوكة.
ونحن نذكر لك كلام صاحب الشّرح ملخّصًا، قال فيه: أمّا الأنهار النّابعة في غير ملك؛ كالأنهار الكبار فلا تملك بحالٍ، ولا يجوز بيعها ولو دخل إلى أرض رجلٍ لم يملكه بذلك كالطّير يدخل في أرضه، ولكلّ أحدٍ أخذه ويملكه إلّا أن يحفر منه ساقيه فيكون أحقّ بها من غيره.
وأمّا ما ينبع في ملكه كالبئر والعين المستنبطة فنفس البئر وأرض العين مملوكة لمالك الأرض والماء الذي فيها غير مملوك في ظاهر المذهب.