أحدها: ما له مالك معيّن وهو ضربان: (أحدهما): ما ملك بشراء أو عطية فهذا؛ لا يملك بالإحياء بغير خلاف. قال ابن عبد البرّ: أجمع العلماء على أنّ ما عرف بملك مالك غير منقطع أنّه لا يجوز إحياؤه لأحدٍ غير أربابه. (الثّاني): ما ملك بالإحياء ثُمّ ترك حتّى دثر وعاد مواتًا فهو كالذي قبله سواء.
النّوع الثّاني: ما يوجد عليه آثار ملك قديم جاهلي كآثار الرّوم ومساكن ثمود ونحوهم، فهذا يملك بالأحياء في أظهر الرّوايتين. (والثّانية) لا يملك لأنّها آثار لمسلم أو ذمي أو بيت المال أشبه ما لو تعيّن مالكه، قال شيخنا ويحتمل أنّ كلّ ما فيه أثر الملك ولم يعلم زواله قبل الإسلام أنّه لا يملك.
النّوع الثّالث: ما جرى عليه الملك في الإسلام لمسلم أو ذمي غير معيّن فظاهر كلام الخرقي، أنّه لا يملك بالإحياء وهو إحدى الرّوايتين عن أحمد لما روى كثير بن عبد الله بن عوف عن أبيه عن جدّه قال سمعت رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يقول:"مَن أحيا أرضًا موانًا في غير حقّ مسلم فهي له". فقيده في غير حقّ مسلم؛ ولأنّ هذه الأرض لها مالك فلم يجز إحياؤها كما لو كان معينًا، فإنّ مالكها إن كان له ورثة فهي لهم، وإن لم يكن له ورثة ورثها المسلمون. (والثّانية) أنّها تملك بالإحياء، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة لعموم الأخبار، وكلّما قرب من عامر وتعلّق بمصالحه من طرق ومسيل مائه ومطرح قمامته وملقى ترابه لا يجوز إحياؤه بغير خلاف في المذهب. وكذلك ما تعلّق بمصالح القرية كفنائها ومرعى ماشيتها ومحتطبها ومسيل مائها لا يملك بالإحياء لا نعلم فيه خلافًا بين أهل العلم، وكلّ مملوك لا يجوز إحياؤه ما تعلّق بمصلحة لقوله -صلّى الله عليه وسلّم-: "مَن أحيا أرضًا ميتة في غير