للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأعمال العباد وآثارهم، وكلامهم وأنفاسهم، ويعلم كلّ شيء ولا يخفى عليه شيء من ذلك، وهو على العرش فوق السّماء السّابعة، ودونه حجب من نار وحجب من نور وظلمة وما هو أعلم به.

فإن احتج مبتدع مخالف بقول الله تعالى: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ}، [قّ، من الآية: ١٦].

وبقوله: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} الآية، [المجادلة، من الآية: ٧]. ونحو هذا من متشابه القرآن، فقل: إنّما يعنِي بذلك العلم؛ لأنّ الله -عزّ وجلّ- على العرش فوق السّماء السّابعة العليا يعلم ذلك كلّه، وهو بائن من خلقه، لا يخلو من علمه مكان، ولله -عزّ وجلّ- عرش وللعرش حملة يحملونه، والله -عزّ وجلّ- على عرشه، وليس له حدّ، والله -عزّ وجلّ- سميعٌ لا يشكّ، بصيرٌ لا يرتاب، عليمٌ لا يجهل، جوادٌ لا يبخل، حليمٌ لا يعجل، حفيظٌ لا ينسى ولا يسهو، قريبٌ لا يغفل، يتكلّم وينظر ويبسط ويضحك ويفرح ويحبّ ويكره ويبغض ويرضى ويسخط ويرحم ويعفو ويغفر ويعطي ويمنع وينْزل كلّ ليلةٍ إلى سماء الدّنيا كيف شاء {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}، [الشّورى، من الآية: ١١].

وقلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرّحمن يقلّبها كيف شاء ويوعيها ما أراد، وخلق آدم بيده على صورته، والسّموات والأرض يوم القيامة في كفّه، ويضع قدمه في النّار فتَنْزوي، ويخرج قومًا من النّار بيده، وينظر إلى وجهه أهل الجنّة يرونه فيكرمهم ويتجلّى لهم، وتعرض عليه العباد يوم القيامة ويتولّى حسابهم بنفسه ولا يلي ذلك غيره عزّ وجلّ.

والقرآن كلام الله تكلّم به ليس بمخلوقٍ، فمَن زعم أنّ القرآن مخلوق فهو جهمي كافر، ومَن زعم أنّ القرآن كلام الله، ووقف فلم يقل: ليس بمخلوق

<<  <  ج: ص:  >  >>