"حبّ العرب من الإيمان وبغضهم نفاقٍ". ولا يقول بقول الشّعوبية وأراذل الموالي الذين لا يحبّون العرب ولا يقرّون لهم بفضلٍ، فإنّ قولهم بدعة، ومَن حرم المكاسب والتّجارات وطلب المال من وجهه، فقد جهل وأخطأ، بل المكاسب من وجهها حلال قد أحلّها الله -عزّ وجلّ-، ورسوله، فالرّجل ينبغي له أن يسعى على نفسه وعياله من فضل ربّه، فإن ترك ذلك على أن لا يرى ذلك الكسب حلالًا فقد خالف الكتاب والسّنة.
(والدِّين) إنّما هو كتاب الله -عزّ وجلّ- وآثار وسنن وروايات صحاح من الثّقات والأخبار الصّحيحة القويّة المعروفة ويصدق بعضها بعضًا حتّى ينتهي ذلك إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، وأصحابه - رضي الله عنهم أجمعين -، والتّابعين وتابعي التّابعين، ومَن بعدهم من الأئمة المعروفين المقتدى بهم المتمسّكين بالسّنة المتعلّقين بالآثار لا يعرفون ببدعة، ولا يطعنون بكذب، ولا يرمون بخلاف، إلى أن قال: فهذه الأقاويل التي وصفت مذاهب أهل السّنة والجماعة والأثر وأصحاب الرّوايات وحملة العلم الذين أدركناهم وأخذنا عنهم الحديث، وتعلّمنا منهم السّنن، وكانوا أئمة معروفين ثقات أهل صدقٍ وأمانةٍ يقتدى بهم ويؤخذ عنهم، ولم يكونوا أصحاب بدعٍ ولا خلافٍ ولا تخليطٍ. وهذا قول أئمتهم وعلمائهم الذين كانوا قبلهم فتمسّكوا بذلك وتعلّموه وعلّموه.
(قلت): حرب هذا، وهو صاحب الإمام أحمد وإسحاق، وله عنهما مسائل جليلة، وأخذ عن سعيد بن منصور وعبد الله بن الزّبير الحميدي، وهذه الطّبقة، وقد حكى هذه المذاهب عنهم واتّفاقهم عليها.
ومَن تأمّل النّقول عن هؤلاء وأضعاف أضعافهم والحديث وجده مطابقًا لما نقله حرب، ولو تتبّعناه لكان بقدر هذا الكتاب مرارًا.