لا مشاركة، ولا بأس بها. فإن كان بجزءٍ مشاعٍ فهو مساقاة، وإن كان بكيلٍ معلومٍ فهو إجارة وفيها خلاف والمفتى به عندنا جوازها.
المسألة الثّالثة: إذا كان شريكان في نخلٍ أو زرعٍ وبدا صلاح الثّمرة واشترى أحدهما نصيب الآخر بكيلٍ يشترطه من الثّمر بعينها والبائع عليه مؤونة الكد حتّى يتم العمل، فهذه مسألة مشكلة من حيث إنّ كلام الفقهاء فيها يخالف ظاهر السّنة. قال ابن عبد البرّ: الخرص في المساقاة لا يجوز عند جميع العلماء، وعلّله وجعل أخذ الثّمرة بكيلٍ معلومٍ من المزابنة المنهي عنها، ولكن ظاهر السّنة جواز هذا، فإنّه قد ثبت أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- كان يبعث عبد الله بن رواحة يخرص على أهل خيبر، فإذا خرصها خيّرهم. وقال:"إن شئتم فخذوها بخرصها، وإن شئتم فهي لنا". وقد روي أنّه خرص عليهم أربعين ألف وسق فأخذوا الثّمن وضمنوا للمسلمين عشرين. قال ابن القيم على فوائد قصة خيبر، وفيها: جواز قسمة الثّمار خرصًا، وأنّ القسمة ليست بيعًا. انتهى بمعناه.
وأمّا الأمر الذي لا يجوز وهو واقع كثيرًا وينبغي التّفطّن له والتّنبيه عليه إذا كان لرجلٍ طعام في ذمّة صاحب النّخل قد أسلمه في ذمّته وحضرت الثّمرة وأخذ المسلم من المسلم إليه نخلًا بخرصه، فهذا لا يجوز ولا يحلّ لِمَن أخذه أن يبيعه حتّى يكتاله لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: "مَن ابتاع طعامًا فلا يبعه حتّى يكتاله". حديث صحيح. ونصّ الفقهاء على أنّه لا يجوز لِمَن قبض الطّعام جزافًا أن يبيعه حتّى يكيله.