بما حكم به الفقهاء في المرتدّين بأنّه لا يرث ولا يورث؛ لأنّ مَن قال بأنّه لا يرث ولا يورث يجعل ماله فيئًا لبيت مال المسلمين، وطرد هذا القول أن يقال: جميع أملاك الكفّار اليوم بيت مال؛ لأنّهم ورثوها عن أهاليهم وأهاليهم مرتدّون لا يورثون. وكذلك الورثة مرتدّون لا يرثون؛ لأنّ المرتدّ لا يرث ولا يورث. وأمّا إذا حكمنا فيهم بحكم الكفّار الأصليّين لم يكن شيء من ذلك بل يتوارثون، فإذا أسلموا فمَن أسلم على شيء فهو له، ولا نتعرّض لما مضى منهم في جاهليتهم لا المواريث ولا غيرها.
وقد روى أبو داود عن ابن عبّاس قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: "كل قسم قُسم في الجاهلية فهو على ما قسم، وكلّ قسم أدركه الإسلام فهو على قسم الإسلام".
وروى سعيد في سننه من طريقين عن عروة وأبو مليكة عن النَّبِيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: "مَن أسلم على شيء فهو له". ونصّ أحمد على مثل ذلك كما تقدّم عنه في رواية مهنا.
واعلم بأنّ القول بأنّ المرتدّ لا يرث ولا يورث هو أحد الأقوال في المسألة، وهو مشهور في المذهب، وهو مذهب مالك والشّافعي.
والقول الثّاني: أنّه لورثته من المسلمين. وهو رواية عن أحمد، وهو مروي عن أبي بكر الصِّدِّيق وعليّ بن أبي طالب وابن مسعود، وهو قول جماعة من التّابعين، وهو قول الأوزاعي وأهل العراق.
والقول الثّالث: أنّ ماله لأهل دِينه الذي اختاره إن كان منهم مَن يرثه وإلّا فهو فيء. وهو رواية عن أحمد. وهو مذهب داود بن عليّ. والسّلام.
فائدة: قال في الإقناع وشرحه: وإذا ذبح السّارقُ المسلمُ أو الكتابيُ المسروقَ مسمّيًا حل لربّه ونحوه أكله ولم يكن ميتة كالمغصوب، ويقطع السّارق إن كان قيمة المذبوح نصابًا وإلّا فلا -إلى أن قال-: