أنّ ما أتلفته كلّ واحدةٍ على الأخرى يساوي ألفًا مثلًا تقاصا فلا يؤخذ من طائفةٍ ما لزمها ويدفع على الأخرى، وأمّا إذا اعترض جماعة رجلًا وبينه وبين بعضهم عداوة فثور عليه قتله فإن كان الذي معه ردأ له فحكمهم حكمه؛ لأنّهم قطاع طريق؛ لأنّ القطع في الصّحراء والبنيان سواء، فإن لم يكونوا قطاعًا بل كانوا ذاهبين في حاجة لهم مثلًا فرأى بعضهم من بينه وبينه عداوة أو شحناء فثور عليه فقتله اختصّ الحكم به إن لم يدفعوا عنه من أراده، وهذا يحتاج إلى نظرٍ وتفصيلٍ. والله سبحانه وتعالى أعلم.
المسألة الثّامنة: إذا استثنى صاحب النّخل ثمرة نخلةٍ أو أكثر خالصّة له دون العامل فالعقد فاسد لكن سوغ بعض فقهاء متأخري نجد فيما إذا كانت نخلة وقفًا على بكرة مثلًا أن يشرط للعامل جزءًا يسيرًا من ثمرتها صحّ ذلك، وكذا لو شرط الواقف بأنّ هذه النّخلة على البركة أو السّاقي لا يزال عنها ذلك فلا يزال.
المسألة التّاسعة: ما نقله في الإنصاف عن عمد الأدلّة لابن عقيل بعد ذكر التّحكيم أي بعد أن تكلّم على مسألة ما إذا حكم المتنازعان بينهما رجلًا صالحًا للقضاء. قال وكذا يجز أن يتولّى متقدمو الأسواق والمساجد الوساطات والصّلح عند الفورة والمخاصمة الخ. فالذي يظهر أنّ المراد بقوله: متقدمو الأسواق والمساجد؛ الذين يفوض إليهم وليّ الأمر النّظر على أهل الأسواق بإلزامهم بالشّرع وإنصاف بعضهم من بعضٍ ونحو ذلك، وكذلك الذي يجعل لهم النّظر على المساجد بصيانها وإصلاحها والاحتساب على المصلّين بها والمؤذّنين ونحو ذلك، فمَن فوّض إليه شيء من ذلك جاز له