النّقد معيار النّسيئة. وهذا مطابق لقوله -صلّى الله عليه وسلّم-: "فله أوكسهما أو الرّبا"، فإنّ مقصوده حينئذٍ هو بيع دراهم عاجلة بآجلة، فلا يستحقّ إلّا رأس ماله. وهو أوكس الصّفقتين، وهو مقدار القيمة العاجلة، فإن أخذ الرّبا فهو مربي.
التّفسير الثّاني: أن يبيعه الشيء بثمنٍ على أن يشتري المشتري منه ذلك الثّمن وأولى منه أن يبيعه السّلعة على أن يشتريها البائع بعد ذلك. وهذا أولى بلفظ البيِّعتين في بيعةٍ، فإنّه باع السّلعة وابتاعها أو باع الثّمن وباعه. وهذه صفقتان في صفقةٍ، وهذا بعينه هو العينة المحرّمة، وما أشبهها مثل أن يبيعه نساء ثم يشتري بأقلّ منه نقدًا، أو بنقدٍ ثم يشتري بأكثر منه نساء، ونحو ذلك، فيعود حاصل هاتين الصّفقتين إلى أن يعطيه دراهم ويأخذ أكثر منها، وسلعته عادت إليه فلا يكون له إلّا أوكس الصّفقتين، وهو النّقد. فإن ازداد فقد أربى. انتهى كلام الشّيخ ملخّصًا على هذا الحديث.
وقد صحّ عن النَّبِيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه نهى عن بيِّعَتين في بيعةٍ. وقال:"لا يحلّ سلف وبيع". وقد ذكر العلماء -رحمهم الله تعالى- لذلك صورًا كثيرةً، وضابطها: أن يشترط أحد المتعاقدين على صاحبه عقدًا آخر.
وقد نصّ الإمام أحمد -رحمه الله- على صورٍ من ذلك نحو: أن يشترط أحدهما على صاحبه سلمًا أو إجارة أو بيعًا أو قرضًا أو شركةً أو صرفًا للثّمن أو غيره. قال الأصحاب: وكذلك كلّما كان في معنى ذلك، مثل: أن يقول: بعتك كذا بكذا بشرط أن تزوّجنِي ابنتك أو أزوّجك ابنتِي. وكذا على أن تنفق على عبدي أو دابّتي أو نصيبِي من ذلك قرضًا أو مجانًا وذكروا صورًا أخر.
فإذا عرفت ضابط المسألة تبيّن لك تفصيلها وأنواعها، فإذا آجره أرضه