والسّؤال عن الأحوال أصلح الله حال الجميع في الدّنيا والآخرة، والخط وصل أوصلك الله إلى ما تحبّ، وسرّنا ما ذركت أتم الله علينا وعليكم نعمته، وأوزعنا شكرها. ومن أمر المسائل:
الأولى: فيما أشكل عليكم من عبارة المختصر في المزارعة حيث قال: وتصحّ إجارة أرض بجزءٍ مشاعٍ معلومٍ مما يخرج منها الخ.
مراده: أنّه يصحّ إجارة الأرض إجارة حقيقية بجزءٍ مشاعٍ معلومٍ مما يخرج منها. وهذا إذا وقع العقد بلفظ الإجارة؛ كأن يقول استأجرت منك هذه الأرض لزرعها مدة كذا بنصف الخارج منها، أو ربعه ونحو ذلك، ويكون ذلك إجارة حقيقية لازمة فيتشرط له شروط الإجارة من تعيين المدة وغيره.
وقد نصّ الإمام أحمد -رحمه الله- في رواية جماعة من أصحابه فيمَن قال: أجرتك هذه الأرض بثلث ما يخرج منها، أنّه يصحّ. فقال أبو الخطاب ومَن تبعه: هذه مزارعة بلفظ الإجارة، فمعنى قوله: أجرتك هذه الأرض بثلث ما يخرج منها، أي: زارعتك بثلث عبر عن المزارعة بالإجارة على سبيل المجاز، وهذا على الرّواية التي يشترط فيها كون البذر من ربّ الأرض. وقال أكثر الأصحاب عن نصّ أحمد المتقدم: هي إجارة؛ لأنّها مذكورة بلفظها، فتكون إجارة حقيقية، وتصحّ ببعض الخارج من الأرض كما تصحّ بالدّارهم.
قال في الإنصاف بعد حكايته نصّ أحمد الذي ذكرناه: اختار المصنّف وأبو الخطاب وابن عقيل أنّ هذه مزارعة بلفظ الإجارة، فعلى هذا يكون ذلك على قولنا: لا يشترط كون البذر من ربّ الأرض، كما هو مختار المصنّف وجماعة. قال: والصّحيح من المذهب أنّ هذه إجارة، وأنّ الإجارة تصحّ بجزءٍ معلومٍ مشاعٍ مما يخرج من الأرض المؤجّرة نصّ عليه، وعليه جماهير